الأربعاء، أكتوبر 24، 2007

مقابر الخفير

زيارة المقابر من الطقوس التى تصر عليها عائلتى فى الاعياد ، فشقيقتى ترتب لهذه الزيارة اول ايام عيد الفطر وثانى ايام عيد الاضحى وطقوس الزيارة فى السنوات الاخيرة تنحصر فى مصاحبة كبار السن من سيدات ورجال العائلة وهذا ليس سهلا كما قد يبدو لكم فيجب مراعاة اشياء كثيرة مع كبار السن اهمها الحفاظ عليهم اثناء ركوب السيارة والنزول منها كما يجب وهو الجزء الهام الاستماع لهم عندما يروون لك تلك الحكايات القديمة عن ايام العز التى عاشوها مقارنة بالايام الهباب التى نعيشها هذه الايام حيث لا يجدون الاحترام الذى ينتظرونه من الناس كما تعودوا ، تكرارا ومرارا يقصون عليك حكاياتهم وهم يحسبون انهم يخبرونك بها لاول مرة وما عليك الا الصبر ورسم الابتسامات وهز الراس اعتباراواتعاظا وموافقة على مايقولون، ثم يجب ان تكون جيوبك محملة بالفكة اللازمة للصدقات على الفقراء وقراء القران على القبور 0

وعندما ازور المقابر فى العيد وبعد قراءة الفاتحة والترحم على الاموات انظر لشقيقتى ولمن معى متوسلا ان ننهى الزيارة ونعود ادراجنا ولكنها تصر على نداء ليس قارىء واحد ولكن كل القراء الذين يتدافعون للقراءة فهو موسم الحصول على الرحمة ، كما انها تشترى زهورا وجريد نخيل لتضعة على القبور وتختار الوان الزهور طبقا لما كان يفضله المتوفى اثناء حياته وبالطبع يتحلق حولها فى سحابة من الغبار اطفال من كل الاعمار فى جلابيب قذرة وعيون معمصة ويحمل كل واح منهم شنطة فيها ما جمعه من برتقال وموز وفطائر الشوريك 0

انظر لها متوسلا ان نعود وكفاية كدة الجماعة فى القبور تململوا من الضجة التى نحدثها على رؤوسهم ولكن هيهات فلا املك الا ان اسرح بعيدا ايام زمان عندما كنت صغيرا احضر مع والدتى وخالتى واخرين وكان يحضر معنا اطفال كثيرون نلعب حول القبور رعاة بقر وهنود حمر ومعنا طبعا المسدسات والسهام اللازمة للعب وايامها لم تكن امى وهى الحريصة على التوفير فى كل شيء ، لم تكن تدفع نقودا بل كانت تحضر معنا فطائر اعدتها بنفسها وكانت تدخل فى مناقشات عنيفة جدا مع التربى وزوجته الحيزبون حول اجرة حراسة ونظافة المقبرة ، ولم تكن تخلو زيارات زمان من قصص الارواح والاشباح التى تظهر فى هذه المقابر اذا حضرنا فى الليل وكنت ارتعد من الخوف واحرص على ان امسك ثوب امى عندما يقترب وقت العودة حتى لا تتركنى ورائها اواجه هذه الاشباح والارواح خصوصا ذلك الغول من اهل نمنم الذى له ذيل يحركه وراء ظهره عندما يغضب وياكل الاطفال الاشقياء0

وكانت مقابر الخفير ولازالت المقر والمثوى الاخير لاثرياء وباشوات العباسية الشرقية وترى ذلك فى جمال العمارة التى شيدت بها تلك المقابر والزخارف الاسلامية التى لا تجد مثلها فى جميع انحاء العالم ، فقد امتاز الفنان المسلم برسم اشكال هندسية متداخلة لانهائية ليس لها بداية وليس لها نهاية، ويقول الخبراء ان الفن الاسلامى بهذا الشكل المميز هو امتثالا من الفنان لتعليمات الدين بعدم تصوير الاشخاص او الحيوانات فلجا الفنان المسلم الى افرع الشجر والنباتات والاشكال الهندسية ليبدع فنا راقيا ارجو ان لا يضيع فى زحمة الغثاثة والزيطة التى نعيش فيها0

والان بعد زحف الناس من الصعيد ووجه بحرى الى القاهرة طلبا للرزق ضاقت العاصمة بسكانها ولم يكن امامهم الا احواش المقابر ليعيشوا فيها وياكلوا ويتناسلوا ولم تطلع لهم الارواح ولا الاشباح ولم ياكل غول نمنم اطفالهم بل الادهى انهم زحفوا على جبل المقطم المواجه للمقابر وانشأوا اكبر عشوائية فى القاهرة وهى الدويقة الشهيرة بمنشية ناصر0

واخيرا يرق قلب شقيقتى لحالى ونعود وقد غطتنا الاتربة ونحن نمشى الهوينا نعطى ايدينا للمسنين ليستندوا عليها و عندنا امل ان نعود للزيارة فى العيد القادم0

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

أنا شخصياً أكره زيارة القبور الدعاء للميت يصل من اي مكان

على كل الاحوال مدونة جميلة وشكرا لزيارتك مدونتي
مدونة الكاريكاتور العربي
http://arabcaricature.blogspot.com/

سأضيف مدونتك لقائمة المدونات الصديقة واتمنى ان تقوم باضافتي كذلك وشكراً

عين فى الجنة يقول...

اهلا فيك مثلما تقولون فى فلسطين وارجو ان تبحث لى عن كاريكاتير صلاح جاهين وحجازى والليثى ان استطعت

رحــــيـل يقول...

انا عمرى مازرت قبور
كنت بعدى عليه قدرا وانا فى طريقى لاى مكان
وبسمع انه حرام
غير لو كانت بس لتتفكر فى احوال الموت
والعظه
بس فى ظل اللى حضرتك بتحكيه اعتقد ان صعب ان يكون فى تفكر او تتدبر بالشكل ده
خالص تحياتى

عين فى الجنة يقول...

سارة العزيزة
ده اللى بيحصل فعلا فى الواقع وانا مغلوب على امرى
لك التحية