الاثنين، يناير 30، 2012

حول الدستور الجديد

نقاشات لا نهاية لها حول تشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور و كيف يمكن تجنب سيطرة الاسلاميين على هذه اللجنة و من الافكار المطروحة ان يتم انتخاب اللجنة مباشرة من الشعب وبذلك يمكن تخطى مجلس الشعب ذو الاغلبية الاسلامية ولكن المأزق هو ان الذين انتخبوا النواب الاسلاميين هم نفسهم الذين سوف ينتخبون اعضاء اللجنة التأسيسية والتى سوف تكون من الاسلاميين كذلك ، بسبب ان الاسلاميين ليسوا فقط مهتمين بمجلس الشعب ولكنهم متغلغلين فى كل مجال اخر والدليل على ذلك هو نتائج انتخابات النقابات والنوادى والجامعات فلن نحصد من ذلك الا ضياع الوقت 
و من وجهة نظرى  الانسب هو الاتفاق على مباديء عامة توافقية تكون بمثابة الدستور على غرار الدستور البريطانى غير المكتوب فقط هو عبارة عن مباديء عامة مستقرة لان المشكلة التى سوف تنشأ من صياغة بنود بعينها لدستور جديد ان كل القوانين المعمول بها حاليا ولوائحها التنفيذية يجب ان تعرض بعد الاستفتاء على الدستور (واقراره فى حالة موافقة الشعب عليه ) على المحكمة الدستورية العليا للتأكد ان جميع القوانين دستورية وهذا غير مضمون وفيه ضياع كبير للوقت ما يجعلنا نتجاوز الحد الزمنى فى اخر يونيو 2012 وتعطيل العمل فى الجهاز الادارى للدولة انتظارا لحكم الدستورية العليا 
ولنتخيل على سبيل المثال ما قاله نور فرحات عن نية تغيير مادة الدستور السابق بخصوص ملكية الشعب لوسائل الانتاج التى تناسب التوجه الاشتراكى للدولة فى الستينات والسعينات والتى تجاوزها الزمن والامر الواقع ، لو اعيد صياغتها الى توجه حرية السوق هنا سوف تكون على سبيل المثال الجمعيات الاستهلاكية المملوكة للدولة فى وضع غير دستورى ويوقف العمل بها لصالح التجار الاخرين فى السوق الذين سوف يفتح امامهم الباب على مصراعية لزيادة الاسعار 
المختصر المفيد ان كتابة دستور جديد الان سوف يكون له تداعيات كثيرة جدا غير محسوبة على الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ما سوف يجرنا الى مشاكل قانونية واضطرابات جديدة يكفى جدا ما نعانيه الان منها 
دعونا نتفق ( كلنا متفقين على الحريات العامة وهوية الدولة مثلا )على مباديء بدون صياغات محددة تمتد الى صلاحيات عامة للرئيس القادم ننتخبه لمده واحدة حتى نستطيع فى اخر يونيو ان نقول شكرا يا مجلس يا عسكرى عودوا الى ليس الى ثكناتكم ولكن الى اسلحتكم ومواقعكم 

الأربعاء، يناير 25، 2012

كيف تستمر الثورة


ما يفيد الناس فى الواقع هو ملايين الايدى القادرة على العمل فى مليونية جمع القمامة ومليونية شق ترعة ومليونية محو امية قرية وما الى ذلك لتوفير اساسيات الحياة لشعب مصر
فاذا كنا قادرين على حشد الملايين وهم ثروة مصر الحقيقية  للهتاف والتظاهر فمن باب اولى ان يحتشدوا للعمل وخصوصا العمل اليدوى بمعدات بسيطة رخيصة
وهكذا تصبح الثورة فعلا مستمرة  

السبت، يناير 14، 2012

عن المسألة العسكرية


يبدو ان تصريح انور السادات بان حرب اكتوبر 73 هى اخر الحروب بين مصر واسرائيل قد اعطى الضوء الاخضر لقيادات الجيش ان تبحث عن نشاط اخر يستوعب الطاقات المسخرة عندها من الجنود والضباط  فى الزراعة والصناعة والتجارة والمقاولات واذا كان هناك من يرى انشغال الجيش فى هذه الانشطة الاقتصادية  قد يتعارض مع مهمة الجيش الاساسية فى حماية البلاد ضد التهديد الخارجى وانهماك القادة والضباط فى تحصيل مكاسب وارباح مالية تفاقم من الوضع المميز لهؤلاء على حساب باقى طوائف الشعب فعلى الجانب الاخر هناك من يرى ان هذه اضافة ايجابية للاقتصاد الوطنى
ولكن الوضع الشاذ والذى ليس له عندى اى تبرير هو سعى الجيش لشغل المناصب الكبرى الحيوية فى عرض البلاد وطولها  ، ويقال ان هناك تعليمات فى كل الوزارات والهيئات ان تتم مخاطبة القوات المسلحة فى حالة وجود مناصب شاغرة فى الوظائف القيادية والعليا ليشغلها اللواءات المحالين الى التقاعد بدلا من ترقية الكوادر الموجودة فعلا والخبيرة بشئون العمل فتكون النتيجة كما هو متوقع شلل فى القطاع الذى اصبح تحت قيادة معالى اللواء الى ان ينخرط فى الجهاز الادارى ويصبح ترسا اخر فى الة الفساد او يتم تحييده ويصبح بدون صلاحيات حقيقية ويكتفى بمشوار الذهاب الى مكتبه والعودة الى منزله وما بينهما من دردشة وتعارف والشاى والقهوة وقراءة الصحف والمجلات
ولقد ابتليت وزارة الصحة بهؤلاء اللواءات المتقاعدين فتم تعيين ثلاثة منهم دفعة واحدة فى عهد الوزير اسماعيل سلام احدهم كان مسئولا عن المناقصات والمشتريات ولما طلب منه التوقيع على المستندات حاول التملص فأمر الوزير ان يخصص له مكتبا فى غرفة منعزلة وان يتم تجاهل وجوده تماما وبعد ايام من العزلة القاتلة اعلن سيادته انه تاب واناب ومستعد للتوقيع على اى مستند بدون مناقشة وانخرط بعد ذلك بهمة ونشاط فى النشاط الفاسد والمشبوه حتى تم تسريحه بعد خروج الدكتور سلام من الوزارة
ولقد سار الدكتور الجبلى على نفس خطى سلفه وقام بتعيين لواء اخر ليكون مساعدا له للشئون المالية والادارية بحيث لا يمر مستند مالى او ادارى فى وزارة الصحة الا بعد توقيع سيادة اللواء عليه ولتسهيل مهمته ولكى يشترى دماغه فقد انتدب سيادته ضابطا من الجيش برتبة مقدم مديرا لمكتبه فكان الناس يندهشون لوجود سيادة المقدم دمث الخلق بملابسة العسكرية داخل الوزارة واحيانا يظنون انهم اخطأوا بدخولهم الى وزارة الدفاع بدلا من وزارة الصحة ولعل اهم انجازات الوزير الجبلى هى فضيحة العلاج على نفقة الدولة
من الواضح ان الفاسدين فى الجهاز الادارى للدولة كانوا سعداء بهذه الاوضاع فوجود لواء من الجيش على راس الشركة او الهيئة او القطاع من المؤكد انه سوف يضفى حصانة على المكان ويسمح بحرية اكبر للفساد ان يستشرى وينتشر فمن ذا الذى يجرؤ على معارضة اللواءات او الشكوى فى حقهم ؟
وهكذا وكما يمتص الاسفنج الماء ويشبع به فعلى مدى ستون عاما تغلل اللواءات المتقاعدين فى كل الوزارات والشركات والهيئات والنوادى بمرتبات ومكافئات كبيرة بل وتعدى ذلك الى القطاع الخاص ففتحت لهم كل الابواب
واذا كان المجلس العسكرى قد اعلن زهده فى قيادة البلاد سياسيا وانه سوف يسلم البلاد للمدنيين فمن باب اولى ان يأخذ فى يده وهو خارج كل المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية من العسكريين من عينة شفيق وخير الله وخصوصا هذا الاخير الذى نبت فجأة وانتشر على الشاشات واطلق تصريحات تفصح بجلاء عن مستواه الثقافى (من عينة ان كل رؤساء امريكا لهم خلفية عسكرية) و كل هؤلاء اللواءات فى كل الوزارات والهيئات والشركات  الى التقاعد الفعلى

السبت، يناير 07، 2012

ماذا بعد



اعتقد انى لم اكن موفقا فى عنوان الموضوع السابق و قد يكون الانسب تغيير العنوان الى لماذا فشل الثوار فى تطوير الثورة ، لاننا يجب ان نعترف ان ما حدث يوم 25 يناير و الايام اللاحقة هو ثورة بكل المقاييس وهى ثورة ناجحة كذلك بكل المقاييس ولو اقتصر نجاحها فقط على احتشاد ملايين من الشعب الساخط خلال فترة زمنية معينة على اتساع رقعة الوطن لكفاها ذلك النجاح لتدخل التاريخ مع باقى الثورات الشعبية الاخرى على مر العصور والتى نجح بعضها فى تحقيق الاهداف التى قامت من اجلها او اخفقت واجهضت ولكنها كلها من نجح ومن اخفق تركت للانسانية فكرا وفلسفة وتجارب وتضحيات ونجاحات وقدرة على التغيير او على الاقل حلم لم تتمكن من تحقيقة فى الواقع ولكنه الهم الانسان فى كل مكان

منذ اللحظة الاولى اتخذ الثوار شعارا جذابا وهو خبز وحرية وعدالة اجتماعية ولكنهم لم ييقدموا معان جديدة او مبتكرة لهذه المطالب التى نادوا بها فالكلمات ليست جديدة بل هى قديمة قدم التاريخ الانسانى نفسه ولكن هذا التاريخ الانسانى لم يعرف تعريفا واحدا متفقا عليه لهذه الكلمات الجميلة المتداولة فى الكتب والادبيات لكل شعوب الارض ومن الواضح ان الثوار لم يبذلوا جهدا كبيرا فى تقديم تفسيرا لهذا الشعار البراق ولم يعرف لهم مفكرا له مدرسة فكرية عصرية متميزة ملتصقة بالشعب المصرى فى حاضره بكل مشاكله وهمومه فاهمة ومقدرة لتاريخه وثقافته حاول الثوار ان يروجوا لها ويكتسبوا انصارا من افراد الشعب من البسطاء الذين انقلبوا على الثوار بل على الثورة نفسها عند اول منعطف شعروا فيه بالخوف على مصادر رزقهم التى تصوروا بحق او صور لهم البعض انها مهددة بان تقطع بسبب المليونيات والمظاهرات والاعتصامات وبوادر الفوضى فكان البديل الجاهز امامهم هو الدين الذى ليس فقط عنده حلولا لمشاكل الحياة الدنيا بل يمتد تأثيره الى ما بعد الموت فيعد المؤمنين الصابرين على شقاء الدنيا بجنة الخلد فى مقابل الغموض فى الاساليب التى يطرحها الثوار لمستقبل مصر
وهكذا وجد الثوار انفسهم فى حالة من المواجهة غير المتكافئة مع الدين الذى يمثل ثقافة عامة الشعب فهم لم يقدموا ثقافة بديلة مقنعة للناس  بل وبعضهم يجاهر بما يحتمل ان يفهمه الناس على انه عداء صريح للدين وظهر هذا واضحا فى نتائج الانتخابات التى حقق فيها التيار الدينى السياسى نجاحا كبيرا كنتيجة طبيعية للعمل اللصيق بالناس على مدى ثمانين عاما وكان حتما ان يختلف الثوار ويضيعوا جهدا كانت تحتاجه مصر لبناء المستقبل
ولما كانت كل الثورات تهدف الى تغيير الواقع بمستقبل افضل وبما اننا نتفق على ان الثورة حدثت بالفعل ونجحت فى اعادة الامل الى الشعب فهل يقدر الثوار على تصحيح المسار وفرز فكر جديد ذو طابع تصالحى واصلاحى لمستقبل مصر يقنع جموع الشعب المصرى لدعمه واعتناقه ؟ وهل اربع سنوات مدة كافية لهم للتحول الى ساسة لهم احزابهم وبرامجهم ذات المرجعية الفكرية الثورية الجديدة التى تصلح لخوض الانتخابات القادمة ؟