الاثنين، مايو 25، 2009

خواطر

مرة أخرى ضبط نفسه وخواطره تطل من نقطة ما في الفراغ تحمله إلى ماض بلا شاطئ فيرى وجوها ويسمع اصواتا و مرة أخرى تلح عليه المواقف التي تمنى لو كان نسيا منسيا قبل أن يمر بها ومواقف أخرى لم يجد لها تفسيرا عبر سنوات وسنوات ومواقف تمنى لو تجمد عندها الزمان فظلت شاخصة في الأفق مطبوعة على صفحة السماء

هذه المرة جرب أن يعود بذاكرته إلى أول شيء يتذكره في طفولته لا يذكر شيئا قبله فلم يستطيع أن يتذكر ابعد من جلوسه على كتف أمه وهى واقفة في المطبخ ورأسه تكاد تلمس المصباح المتدلي وهو يشير إلى ما فوق الأرفف من اوانى وعلب ويسألها : إيه ده ؟ فترد عليه بصوتها الفرح المحبب إلى نفسه فيستشعر السعادة و يعود إلى السؤال : إيه ده ؟ فتجيب مرة أخرى ومرة أخرى ومرات عديدة  و تجلس على الكرسي العتيق ويقف في حجرها و أمامه النافذة ويشرف على الشارع الهادئ ويمتد بصره إلى بيوت ونوافذ وشرفات عاشت معه  وشكلت جزء من وعيه بالمكان تمسك به بقوة خوفا عليه من السقوط فيلتصق بها ويدفن وجهه في صدرها ويغلبه النوم ثم يستيقظ وهو على الأريكة التي في البهو لكي تراه عيناها على الدوام فهي تود أن لا يغيب عنها لحظة واحدة

كانت قد شارفت على الخمسين حين أنجبته بعد سنتين من ولادة شقيقته وقد أيقنت أنها لن تنجب من بعده فحاصرته بالحب والحنان حتى كادت أن تهمل أخته وكانت لحظات من السعادة الحقيقية عندما تضعه في فراشه عند حلول الليل وتغنى له بصوتها الشجي وهى تمسح على رأسه،

  وكانت تحاصره بالخوف المجنون على حياته فحبسته عن اللعب مع أولاد الجيران لا تستجيب لبكائه ونحيبه  و لما تركت له القليل من الحرية كان يحلو له اكتشاف الأماكن والدكاكين وحدائق البيوت في الحي الهادئ  وكان الشارع الذي يقع بيتهم على احد جانبيه يقسم الحي إلى منطقة راقية خلفية تحيط الأشجار ببيوتها وقريبا من منزلهم بيت الخواجاية وأولادها ذوى الشعر الأصفر يتحدثون الفرنسية ويترفعون عن اللعب مع أولاد الجيران وعندما سقطت كرته في حديقة الخواجاية خرج له السفرجى الأسمر وقال له لن ترى الكره مرة أخرى لان المدام غضبانة فجعله الرعب ينسى الكره ويهرب إلى حضن أمه

 وعلى الجانب الأخر بيوت كلح الطلاء على حوائطها عامرة بالناس والحياة والكثير من الأولاد والبنات الذين لا يكفون عن الحركة والصخب  و كان يقترب من الأولاد في حذر ويقف يراقبهم منتظرا منهم دعوته إلى مشاركتهم اللعب حتى نجح في كسب ود احدهم فأصبحا صديقان 

كان صديقه مغامرا لا يهاب الناس فيتحدث مع الكبار بسهولة تدهشه وكان لإيهاب السيارات التي تسير الهوينى في الشارع بينما كان يرتعد منها خوفا و يتذكر حين صفعته على وجهه بقوة أذهلته لما خرج مع صديقه يلعب على الكوبرى الذي يمر من تحته القطار سريعا فيميلان على الحاجز الحديدي ويلقيا أوراقا على القطار فترتد إليهما صاعده على الهواء الساخن المندفع إلى أعلى وحينما استدار وجدها خلفه فصفعته تلك الصفعة التي لا يستطيع أن ينساها فلم يتوقع أن تضربه أبدا

في مرحلة مراهقته احتوته وبفطرتها لم تتركه نهبا للقلق والحيرة كان يشعر بعيونها خلف ظهره وهو يتطلع إلى بنت الجيران وكانت تمتص غضبه غير المبرر وكانت تغسل له ملابسه الداخلية بدون تعليق على الآثار التي كانت عالقة بها وكانت تضحك عندما تراه يسرح أمام المرآة بالساعات يمشط شعره ويدندن اغانى الحب والغرام

ولازال يسمع الزغرودة العالية وقد تكون الوحيدة التي أطلقتها حينما احضر له ساعي البريد نتيجة التنسيق والتحاقه بكلية الهندسة وبعدها لم تعد تناقشه أبدا في طلباته التي كان يبالغ فيها دائما ليستطيع أن يخنصر ثمن تذكرتي سينما أو علبة سجائر

ويوم اخترق الألم صدرها فصرخت وسقطت على الأرض بجوار سريرها سقط معها قلبه ونظر إليها بلا حول ولا قوة وعاشت بعد ذلك على الأدوية المسيلة للدم ولكنها لم تفقد نشاطها وحيويتها

تحملت فراقه سبع سنوات يعمل في الخارج وكانت تحتاج لمساعدته المالية ولكنه كان في غمرة مع الساهين ولم يدرك ما تعانيه هي وأبوه المسن إلا بعد أن صرحت له أخته باحتياجاتهم التي لا تستطيع أن توفيها وحدها

وعندما تزوج كانت سعيدة مبتهجة وتغاضت عن كل الاهانات التي واجهتها من أسرة العروس المتعجرفة ليس عن ضعف فطالما واجهت الشدائد بقوتها العجيبة فلم تكن تخشى أحدا وكانت دائما تشعر أن كفتها هي الراجحة ولكنها ماكانت لتفسد عليه سعادته

وفى سنواتها الأخيرة استضافها في بيته بدون تردد حممها وأطعمها بيده وقصر لها شعرها ودفع لها الكرسي ذو العجلات لتستمتع بشمس الشتاء في الخارج وخاصم من اجلها امرأته ونام على الأرض بجوار فراشها ليلبى طلباتها وكان لا ينام إلا سويعات قليلة يخاف أن يغط في النعاس فلا يسمعها إذا نادته

وعندما جلس بجوارها وهى ممددة في سيارة الإسعاف تنقلها إلى العناية المركزة أمسكت بيده وابتسمت وهى تنظر بعيون فارغة ، وقضت أسبوعان في وحدةالانعاش ثم تحسنت وأفاقت فظن أنها  ستعود إلى المنزل ونقلت إلى غرفة بالمستشفى وفى الصباح كانت نائمة والأنبوب الشفاف يحمل السائل الملحي إلى عروقها فاضت روحها

كان في فصل الشتاء ووقف ينظر إلى الناس والبيوت والسيارات وقد تشوهت وتاهت صورهم في تكثف بخار الماء المتصاعد مع أنفاسه الحارة على زجاج نافذة المستشفى البارد ثم تنحدر قطرات الماء إلى الأسفل

 

الأحد، مايو 17، 2009

كوكى شب عن الطوق

استيقظت على الصوت الغريب وقد اختلط في صخب الأولاد الكبار العائدين في إجازتهم الأسبوعية وقد تعودوا فور دخلوهم الهجوم على شقيقهم الصغير بمداعبات ثقيلة يصرخ لها بصوت رفيع حاد يستنجد بابيه وأمه من هذا الهزار السمج

هذه المرة لاحظت تغير صوت ولدي الصغير كأنه صوت دوزنة أوتار القانون ووجدته قد التحم معهم في مصارعةلايهاب قوتهم التي اكتسبوها من التدريب الشاق

دققت النظر إلى الزغب الأخضر فوق شفته العليا وانا احتضنه واخلصه منهم وقد غمر قلبي السرور

كأنه فتح بابا ودخل دنيا جديدة يراها كالأطياف في سقف الغرفة وهو سارح أمام كتابه وقد مال بظهره إلى الخلف ولوي عنقه ويراها واقفا أمام المرآة مندمجا بالمشط والفرشاة يحاول نفش شعره كشوك القنفذ

إذا دخل الحمام استعصى خروجه منه وإذا امسك التليفون فلا نهاية لكلامه وإذا جلس إلى الحاسب الالى فقول يا رحمن يا رحيم على الليلة ، مناقشاته مع أمه عالية محتدة يريد الاستقلال عن حمايتها الزائدة فهو يرى دنيا جديدة واعدة مختلفة وهو لازال طفلها الصغير ومن وجهة  نظرها رجله على رجلها

اختلف  ذوقه في الطعام فكره طبيخ البيت و اقتصر طعامه على بطاطس ودجاج الوجبات السريعة وأصبح يعرف عن فريق برشلونة كأنه اسباني ولد في كاتالونيا وحفظ ماركات السيارات والموتوسيكلات  وأسعارها ويكرر هذه المعلومات على مسامعى اذا اصطحبته فى  مشوار ويرتفع صوته متمسكا برأيه ان الفيرارى احسن عربية فى الدنيا وانه يتمنى ان يمتلك هارلى دافيدسون وجاكت جلد مرسوم عليها جمجمة وعظمتين

إذا ناديته بكوكى اسم الدلع قلب شفته السفلى وعقد ما بين حاجبيه وعبر عن اعتراضه متجاهلا إياي كأنه لم يسمع شيئا

واعمل حسابك انا خارج أخر يوم في الامتحانات مع أصحابى وحا سهر ومحدش يقعد يرن لى على الموبايل اللى أصلا باتكسف من منظره قدام أصحابى

أهلا بك يا صغيري في عالم الرجال فقد شببت عن الطوق

 

 

 

الثلاثاء، مايو 05، 2009

ZIZI SEXUAL L'EXPO


في جنيف – سويسرا – معرض للثقافة الجنسية للأطفال قبل سن البلوغ من 2 ابريل إلى 28 يونيو 2009 باستخدام شخصية كارتونية شهيرة اسمه تيتوف – Titeuf- لمواجهة الفضول الطبيعي والقلق عند الأطفال عندما يواجهون ما هو شائع الآن في المجتمع من صور وأفلام ومعلومات واشعاروكتب حول الجنس والحب ، والمتوقع أن يحضر المعرض حوالي  عشرين ألف طفل وطفلة

تبدأ أقسام المعرض بقسم تحت عنوان حالة حب – being in love – ويعرض الكلمات المتداولة بين العشاق البالغين وكذلك صور كارتونية والعاب عن لغة الأجساد مثل القبلات والأحضان وإمساك الايدى

القسم الثاني من المعرض بعنوان البلوغ – puberty- ويعرض صور كارتونية عن علامات البلوغ مثل نمو الشعر في أجزاء الجسد عند البلوغ وحب الشباب وفيه معروضات من خلف سواتر خاصة بالأطفال فقط دون الاباء الذين يمنعون من الدخول ليشعر الأطفال بالخصوصية

القسم الثالث تحت لافتة مطارحة الغرام – making love – يحتوى على صور كارتونية توضح الأعضاء التناسلية ومراحل اللقاء الحميمى والعبارات التي تستخدم خلال مطارحة الغرام أيضا يعرض الواقي الذكرى بألوان مختلفة على شكل لعبة يتنافس فيها الأطفال

القسم الرابع مخصص لشرح تكون الأجنة في الأرحام – making babies- ويعرض بالألعاب وصور الكارتون لمراحل تكون الجنين حتى الولادة

القسم الخامس والأخير حول الانتباه – keep an eye out- وفيه تحذيرات للأطفال ضد التحرش الجنسي داخل المنزل اى من أفراد العائلة أو من خارج العائلة

وكل المعروضات في كل الأقسام ليس بها صور أو أفلام  لأشخاص بشرية بل كلها باستخدام الكارتون أو الألعاب التي تحاكى الطبيعة

ومن الملاحظ في هذا المعرض عدم التطرق إلى الشذوذ الجنسي فالمعروضات كلها تتناول العلاقة بين فتى وفتاة

وقد شاهدت حوار حول المعرض في القناة الفرنسية رقم خمسة – TV5- حضره مفكر كهل يعارض المعرض معارضة شديدة وعلى الجانب الآخر من المؤيدين طبيب أطفال وشاعر كما انضم إلى الحوار طفلتان فرنسيتان حضرتا المعرض

والمذيعة الرقيقة شديدة الرقة فائقة الجمال على الطريقة الفرنسية ( خمرية وشعرها اسود الا جرسون )

المذيعة – سيدي أرجو أن توضح لنا سبب اعتراضك على هذا المعرض

الكهل – ليس له فائدة فهو من قبيل تفسير الذي لا يحتاج إلى تفسير

المذيعة – كيف

الكهل – الجنس هو ميل طبيعي والناس تمارسه منذ خلقوا بدون حاجة للإرشاد

منظمة المعرض – ولكن أطفالنا يتعرضون يوميا لصور مبتذلة على الهواتف المحمولة وعلى الانترنت فيجب أن يفهموا

الكهل – يفهموا بالمزيد من الصور المبتذلة؟

الطبيب – لقد كنت أخاف أن تكون المعروضات من صور لأشخاص طبيعيين ولكنى سعدت جدا أنها صور كارتونية ولقد لاحظت سعادة الأطفال بها واعتقد أنها خطوة إلى الأمام

الكهل – هذه رؤية يسارية ارفضها

المذيعة إلى الطفلة  1 – حبيبتي هل سعدتى بحضور المعرض؟

الطفلة رقم 1 – أكيد كنت سعيدة

المذيعة – هل تعلمت شيئا جديدا ؟

الطفلة 1- لا، كنت اعلم كل شيء قبل المعرض!! ( الطفلة في التاسعة أو العاشرة )

المذيعة إلى الطفلة 2- هل استمتعت بالمعرض ؟

الطفلة 2 – جدا ولقد تعلمت أشياء جديدة

المذيعة – ما رأيك في صور الأعضاء التناسلية للذكور والإناث؟

الطفلة2 – لا بأس بها والرائع أن ابواى ظلا في الخارج بينما كنا نشاهدها لانهما لا يستطيعان الدخول إلى هذه المنطقة من المعرض

الكهل – يا الهي لا استطيع أن أتحمل

المذيعة- ماذا بالضبط ؟ أرجو التوضيح

الكهل – مدام ، بالنسبة للأطفال تكفى القصص وقصائد الشعر الرومانسية عن الحب

الشاعر – سيدي، أنت خير من يعلم أن الشعراء الآن ينظمون قصائد شعرية غاية في الإباحية

منظمة المعرض – سيدي هل تشرح لنا ما هو أكثر شيء سبب لك امتعاضا في المعرض

الكهل – كل شيء خصوصا غرفة الروائح، هل من المناسب أن نجعل الأطفال تشم رائحة العرق وروائح أخرى تنبعث من الأجساد ؟

منظمة المعرض – ولكنها روائح أجسادنا تبثها في الهواء ويجب قبولها فهي طبيعية

الكهل – ليس كل شيء في الطبيعة جميل فالطبيعة مليئة بالقبح

المذيعة – اشكر السادة الضيوف واذكر بأن المعرض سيستمر حتى 28 يونيو

 http://www.zizisexuel.ch/entree.htm