الأحد، نوفمبر 23، 2008

ساعة العصرية


فتح فرن الموقد ووضع فيه الخبز المجمد ، قسم المقانق إلى أجزاء صغيرة متساوية ثم وضعها في الزبد الساخن وطش عليها البيض ، وضع ملابسه في الغسالة وضبطها في وضع التشغيل ، هاتف محل البقالة ليرسل عبوة من الفلفل الأسود المطحون ومائة جرام من الشاي الخرز

صوت التلفاز يعلو في غرفة المعيشة بصراخ ونقاش ، من الحمام دق على الباب من الداخل " الميه السخنه فين ؟ اقفلوا الميه في المطبخ " يسرع إلى الحوض ويحول ذراع الخلاط إلى المياه الباردة

يخترق الصالة إلى احدى الغرف ويسأل " ساندوتش ولا تغمس؟ " ويعود فيرى زوجته جالسة أمام الشاشة وقد مدت ساقيها على المقعد الواطئ، المذيع السمين والداعية ذو اللحية المصبوغة يرددان نفس الكلمات ولكن كما لو كانا يتشاجران ، هز رأسه وأسرع ليطفئ الفرن ويفرغ الطعام ويضع أطباق على الصينية ويسرع عائدا إلى الغرفة حيث يقبع الذي طلب الطعام خلف المكتب

الهاتف يطلق رنينا موسيقيا فيضعه بين كتفه ورأسه وهو يفتح الباب للولد الصغير الذي يعمل في محل البقاله فيأخذ منه الشاي ويعيد الفلفل الأسود بدعوى انه تأخر عليه ولم يعد في حاجة لفلفل اسود

يسرع ليغلق النافذة حتى لا يصاب الذي كان في الحمام بالزكام " عندك السشوار، راسك محتاجة تنشف "

يحمل كوب الشاي ويجلس بجوار زوجته " هما بيزعقوا ليه؟ "

" استنى لما يخلصوا وابقى اقول لك " يبتسم فهو يعرف إلى اى حد تعشق هذا البرنامج

" هما مختلفين ؟ "

" لا مافيش خلاف ، دول بيتكلموا في الدين ازاى يختلفوا "

صوت الموسيقى يتصاعد من الغرفة " مين اللى بيغنى ؟"

"ميتاليكا"

" بيزعقوا ليه ؟ هما بيتكلموا في الدين؟ "

" دمك تقيل "

الخميس، نوفمبر 13، 2008

بلطجة مشروعة

أتعابنا من خصمك، جنائي، مدني، شيكات ثم أرقام هواتف نقالة

هذا هو محتوى الإعلانات الصغيرة التي تلصق على الجدران في شوارع القاهرة

ولو تأملنا مضمون هذا الإعلان بتأني نجد أننا قد وضعنا أيدينا على كنز من المؤشرات الحياتية ولكنه أيضا معبأ برائحة نتنة

معنى الإعلان:

"نحن مجموعة بلطجية ونقدر نجيب لك حقك يا مواطن يا غلبان بالدراع ومجانا وحناخد أتعابنا من خصمك فلو كان عندك حكم محكمة موش عارف تنفذه إحنا ننفذه بطريقتنا الخاصة ، ولو كان عندك شيكات موش عارف تحصلها هاتها وإحنا نحصلها لك بردو بطريقتنا الخاصة ، بس أنت اتصل بينا "

لو ذهبنا أعمق وأعمق من مجرد فهم معنى الإعلان إلى ما يعكسه من أوضاع المجتمع الذي نعيش فيه وقد لاندرك حقيقة بعض الأوضاع السائدة فيه إلا أن نحتك بها مباشرة ، أقول لو نظرنا إلى ما يعكسه هذا الإعلان من حقائق على الأرض

سوف نعرف انه في اى نزاع قضائي قد يستغرق سنوات وسنوات لاتفرح بصدور الحكم لصالحك لأنك لن تستطيع تنفيذه بالوسائل التي كفلها لك القانون

وسوف نعرف انه لو تسلمت شيكا من شخص ما وذهبت إلى البنك لصرفه ثم وجدت انه بدون رصيد فغالبا ستضيع عليك قيمة الشيك ولن تستطيع الاستدلال على مكان مصدر الشيك

وسوف تعرف انك لو اشتريت منتج من السوق وظهر به عيب من عيوب الصناعة فلن تستطيع استبداله بالرغم من ضمان الوكيل

وسوف تعرف أن البلطجة تقنن نفسها وتصحح أوضاعها وإنها تعلن عن نفسها في غياب البديل ، وان هذه الإعلانات هي البداية فقط وسوف تنشأ عنها مافيا موازية لسلطة الدولة يلجأ لها الناس ليس فقط للحصول على حقوقهم الشرعية ولكن أيضا لارتكاب الجرائم في كل صورها

فمن يرغب في وضع يده على أراض خالية سيكون زبونا لهؤلاء ومن يرغب في اللهو في أوقات الفراغ سيلجأ لهم ومن لا يعجبه أن تركن سيارتك أمام محله سيتصل بهم وهكذا

فلو استمرت هذه الإعلانات تظهر على الجدران فبلاها محاكم وبلاها حكومة

السبت، نوفمبر 08، 2008

بين الصحافة والتدوين


اسئلة بدون اجابات حاسمة حول الصحافة والتدوين وهل هناك فروق بينهما ام هما وجهان لعملة واحدة ؟ ومن الواقع المعاش فان الصحفى هو كاتب يحترف الكتابة مقابل اجر اى ان الصحافة مهنة وليست هواية ونرى الصحافيين والمراسلين فى مقابل ما يربحونه من مال وما يحصلون عليه من شهرة لا يترددون فى الانحياز الى افكار سياسية أو ايدولوجية قد تجلب عليهم العناء وتكسبهم الكثير من الاعداء ، والمراسلين منهم يتعرضون للموت احيانا فى تغطيتهم للحروب والكوارث الطبيعية

ونتعجب كيف يمكن لصاحب مهنة ان يواجه كل هذه الاخطار والصعاب فى سبيل لقمة العيش فقط وليس هناك تفسير لذلك سوى ان مهنته قد تغلغلت داخله واصبحت جزء منه وصبغت خلاياه العضوية بصبغة تلك المهنة العجيبة

وبالطبع هناك نجوم فى سماء الصحافة ينظر اليهم الناس فى اعجاب لتمسكهم بمباديء المهنة واخلاقياتها و ما يكتبون يصنع فرقا فى حياة الناس ، وايضا هناك المرتزقة والمأجورين الذين يعرفهم الناس بدون عناء ويقرأون ما يكتب هؤلاء فقط من باب التعجب على البجاحة التى لا يخجل هؤلاء المرتزقة ان يسودوا بها الصفحات والتاريخ ايضا مقابل لقمة العيش

ولكن المدون ليس كذلك ولا ينبغى ان يكون كذلك فهو طائر حر يكتب ما يشاء ويسكت حين يشاء ولا يبتغى اجرا الا الرضا عن النفس ، فهو يختلف جوهريا عن الصحافى الذى يمتهن الكتابة كحرفة فهو لا يتبع احدا ولا يتربح من التدوين او هكذا ارى انا بل هو فى احيان كثيرة يكتب لنفسه ولا ينتظر ان يقرأ ما يكتبه احد من الناس بل قد يتخفى وراء اسم مستعار وهوية مصطنعة فلا يقف امام ما يكتبه حائل من تقاليد او عرف او قيود قد يكبله بها المجتمع

وقد عجبت عندما علمت ان بعض المدونين قد سافروا الى امريكا لتغطية حملة اوباما الانتخابية مقابل اجر ولست ادرى حقيقة هل سافروا بصفتهم مدونين ام بصفتهم صحفيين ؟ فلو سافروا فى رأيى بصفتهم صحفيين يمتهنون الصحافة ويكتبون فى صحف يعينها فلا غبار عليهم اما ما لا استطيع تصوره ان يحول احد المدونين مدونته الى صحيفة يكتب فيها اراء سياسية منحازا الى احد مرشحى الرئاسة الامريكية مقابل دعم مالى يحصل عليه سواء من الحملة الانتخابية مباشرة او من بعض الجهات التى ترغب فى التأثير على قراء المدونات وتدفعهم الى اتجاه بعينه

والامر لله من قبل ومن بعد

الأربعاء، نوفمبر 05، 2008

رياضة الصباح


في الصباح يتوقف السير في الشارع وتمر دقائق قليلة ولكنها كافية لرفع درجة حرارة أعصاب الذين يقودون السيارات لدرجة الشياط الذي تظهر أعراضه في الضغط على دواسات الوقود فيعلو صوت المحركات وما يتبع ذلك من تصاعد للعادم الكربوني السام بينما الحركة متوقفة تماما إلا من هذا الذي يرى انه أكثر ذكاء من الآخرين المتخاذلين والمتقاعسين من وجهة نظره عن المبادرة لحل الخنقة المرورية و هذا الذي يحتمي خلف سيارة أتوبيس ضخمة بلا ملامح أو الذي يقود سيارة قديمة مهشمة يعرف أن حكة جديدة أو خبطة زيادة موش حتفرق معاه ، يبادر هؤلاء بمحاولات للحركة الجانبية أو الأمامية المائلة لإرغام الناس المسالمين المستسلمين على إفساح الطريق لهم بالذوق وبالعافية

وتذكرت على الفور قاعدة البوز التي اكتشفتها العزيزة بثينة صاحبة الطيارة الورق وتداعت الأفكار في دماغي متأملا هذه القاعدة الذهبية

و من فكرة إلى فكرة أخرى توصلت إلى فلسفة للموقف مستندا إلى حقيقة أن المصريين لا يهتمون كثيرا بالرياضة البدنية وكيف أنهم مترهلين الأجساد خاملى الأرواح ، فلماذا لا ينتهزون الفرصة المتاحة من الوقوف داخل عنق الزجاجة لممارسة الرياضة ولتكن رياضة قيادة السيارات في الزحام

وأنا لا افهم كثيرا في أسباب نعت سباقات السيارات بأنها رياضة أو أن واحد مثل مايكل شوماخر هو بطل رياضي وانه أفضل من يقود السيارات في العالم ولكنى أدرك أن الرياضة لها آثار ايجابية على الجسد بسبب حرق الدهون الزائدة وعلى النفس لأنها تفرغ الطاقات المكبوتة

و حيث أن السادة سائقي السيارات في شوارع القاهرة صباحا يقدمون على التنافس في الغلاسة والتزنيق والغرز فلماذا لا نعتبر ذلك وعلى سبيل إضفاء مسحة حضارية مطلوبة لأبناء هذا الشعب أنهم يمارسون نوعا من الرياضة حيث من المؤكد انه في نهاية اى خنقة مرورية صباحية في القاهرة فإن اى واحد فلت منها سوف يكون قد حرق مقدارا من الدهن بسبب شياط الأعصاب والحركة المستمرة للضغط على الدبرياج والفرامل وتحريك عصا الفتيس وأيضا تخفف من بعض العقد النفسية فيما أطلق من سباب ولعنات على زملائه السائقين المشاركين في رياضة الصباح