الثلاثاء، مايو 24، 2011

الامن المفقود


هل غاب الامن فعلا عن الشارع المصرى بعد الثورة ام انه كان غائبا عنه منذ زمن طويل ؟ الاجابة على هذا السؤال ليست بالعويصة عندما نتذكر الاحداث الهامة والتجارب الشخصية التى مررنا بها خلال الفترة السابقة على قيام ثورة 25 يناير
الم نرى التحرش الجنسى الجماعى والفردى ؟ الم تختطف الاناث ويغتصبن ؟ الم تحدث تلك الفوضى عقب مباريات كرة القدم ؟الم تختطف السلاسل الذهبية من اعناق النساء ؟ الم تغتصب الاراضى والمنقولات ؟الم تحدث حالات الغش الجماعى فى لجان الامتحانات؟الم تستعر الفتنة الطائفية فى مواجهات ومعارك بين المسلمين والمسيحيين ؟
حدث كل هذا امامنا جميعا وتحت سمع وبصر الشرطة ولم نتكلم عن الانفلات الامنى بل فسر الامر من قبل جهابذة ضيوف الفضائيات كما لوكان احداثا فردية لها اسبابها التى يمكن علاجها بتدعيم الاقتصاد او تنمية العلاقات الاجتماعية
الم نمر باحداث فردية جعلتنا على يقين من تراخى الشرطة فى اعادة ما سرق منا او احضار من اعتدوا علينا او على ممتلكاتنا ؟ كم منا من حاول تحرير محضر فى قسم البوليس ووجد الضابط او امين الشرطة يحاول اثناءه عن طلبه بحجة ان المحضر لن يفيده شيئا ؟ كم مرة اصطدمت بسياراتنا سيارات اخرى فهززنا رؤوسنا ونظرنا الى الجهة الاخرى وانصرفنا وقد اصابنا اليأس من تحقق العدل وعقاب المخطيء
كم منا من رأى مصابا ملقى على قارعة الطريق وقد صرعته سيارة مسرعة وتقاعس عن انقاذه واثر السلامة بعيدا عن التعامل مع السلطات الرسمية ؟
الاجابة على السؤال ان الامن كان غائبا فى الواقع بالرغم من هذه الاقسام المدججة بالسلاح وبالرغم من الكمائن التى طالما اخرتنا عن الوصول الى اعمالنا وبالرغم من شاحنات الامن المركزى التى كانت تجوب الشوارع او تتمركز بجوار الجامعات ، اذن لقد كنا نعيش فى وهم كبير اننا فى حماية الشرطة بينما الحقيقة ان الشرطة كانت لاهية عنا تحمى النظام الفاسد و تتغنى بالنصر على الارهاب الذى كان فى حقيقته حرب لا اخلاقية ضد بعض الشباب اليائس فى مدن الصعيد الفقيرة فآمن ان الحياة بلا قيمة وان الافضل له ان يموت شهيدا فيذهب الى الجنة مباشرة حيث الحور العين وانهار اللبن والعسل
ما الجديد اذن فى قضية غياب الامن عن الشارع المصرى ؟ الجديد هو تسليط الضوء على القضية بطريقة غير مسبوقة وقد يخطر ببال المؤمنين بنظرية المؤامرة ان ذلك تحريض صريح للمزيد من الانفلات والفوضى والا فما تفسير ان تقوم جميع وسائل الاعلام المقروء والمرئى والمسموع ليل نهار بطرق حواسنا بان الامن غاب وان الفوضى تسود جميع مناحى الحياة الا ان يكون ذلك دعوة مباشرة لكل من يريد السلب والنهب والاغتصاب ان يتقدم ويفعل ما يحلو له ولن يحاسبه احد
وما تفسير ان يسمح بعودة مباريات الكرة فى ظل الغياب الامنى الا السماح بالمزيد من الانفلات الامنى والفوضى ومن السهل تخيل ما سوف يحدث فى مباراة الاهلى والزمالك القادمة مهما كانت نتيجة المباراة
وقد يظن احدهم ان وضع قضية الامن فى بؤرة الاهتمام هو نوع من غسيل المخ للمواطن المصرى الذى يقف منتظرا ما تسفر عنه الثورة من فائدة مباشرة تحسن من وضعه الاقتصادى والاجتماعى وهذا حق مشروع يلفته عنه هذا التضخيم لقضية غياب الامن
وحيث ان هناك شيء من الشك فى ان يكون الانفلات الامنى متعمدا فان الشك يزول لو فهمنا لماذا توضع القيود على ضباط البوليس ومنعهم من اداء واجبهم بوصمهم كلهم بعار ما حدث من اطلاق الرصاص على المتظاهرين من قبل ان تتضح حقيقة ماذا حدث ومن اصدر الاوامر باطلاق الرصاص وكيف حدث الانسحاب من الشارع وكيف فتحت السجون ومن هاجم وحرق اقسام البوليس  كما ان الشك يزول لو عرفنا المستفيد الحقيقى من اختلاق الفوضى وبث شعور الخوف والرعب فى قلب المواطن المصرى

الأربعاء، مايو 18، 2011

متى تنجح الثورة


يعتقد الكثيرون ان المعيار الوحيد لنجاح ثورة 25 يناير هو استرداد  الاموال التى نهبها الاثرياء واعادة توزيعها على افراد الشعب فهم وبحسبة بسيطة جدا يقومون بجمع كل المبالغ التى يقال انها فى حوزة رموز نظام مبارك ثم يقسمون الناتج على ثمانين مليون فيكتشفون على سبيل المثال ان نصيب كل فرد من الشعب من ثروة مبارك بمفرده يتجاز المائة مليون جنيه وهكذا وبناء على رغبة البعض فأن الشعب  يريد ان يقسم مع اللصوص والمجرمين الاموال التى يثقون انها اتت من مصادر غير شريفة على الاطلاق
وهذا خلل جسيم فى الفكر السائد الذى يثمن قيما دخيلة على المجتمع المصرى المعروف عنه تاريخيا رضاه بالقليل وقناعته بالستر والكفاف من الحياة طالما انه اكتسبه من الحلال ، وهذه القيم التى تعلى من الثراء السريع بدون عمل ولو من طرق غير مشروعة ما هى الا نتيجة لما روجته النظم الحاكمة فى مصر من قيم متدنية ادت الى انهيار فى المنظومة الاخلاقية للكثيرين
ولو القينا نظرة على الفارق بين اخلاق طبقة الاثرياء قبل ثورة يوليو 52 وبعدها نجد ان الاثرياء قبل ثورة يوليو كانت مصادر ثروتهم من زراعة الارض فى الغالب الاعم ومن الاستثمار فى الصناعة اى من مصادر انتاجية تثرى اقتصاد الدولة تعود بالخير على افراد الشعب وكان الاثرياء غالبا من العصاميين الذين عملوا واجتهدوا لتنمية ثرواتهم والابقاء عليها داخل حدود الوطن  اما الطبقة الثرية فى العقود التى تلت ثورة يوليو فقد اكتسبت ثروتها بسهولة غريبة ومن طرق تحيط بها الشبهات ما جعل هؤلاء الاثرياء يفضلون الاحتفاظ بجل ثرواتهم خارج حدود الوطن
والغريب ان الحكومة الحالية بعد الثورة ومعها قيادة الجيش مازالت تثمن قيمة الربح بدون عمل فهى فى انتظار اموال السياح وقناة السويس التى تدخل خزينة الدولة لكى تدفع منها رواتب جحافل البيروقراطية والبطالة المقنعة ولا تبذل اى مجهود ملحوظ لتبنى مشروعات قومية يوظف فيها الايدى العاطلة من البلطجية وغيرهم من الفئات المهمشة ويحفز المستثمرين على ضخ الاموال فى الاقتصاد الوطنى
وسوف تكون الثورة بدون قيمة حقيقية لو نجحت فقط فى ازاحة نظام ليأتى من بعده نظام جديد يفكر بنفس الطريقة القديمة ويعتنق نفس القيم السلبية ، فلو كانت الثورة بدون نظرية فكرية متكاملة فلتبحث لنفسها عن نظرية من تجارب الاخرين الذين نجحوا فى اللحاق بقطار الحضارة
ملحوظة : الكاريكاتير للاستاذ وليد طاهر منشور فى بوابة جريدة الشروق

السبت، مايو 14، 2011

امريكا ، هل لها وجها جميلا؟


عودتنا الولايات المتحدة الامريكية منذ احداث سبتمبر 2001 على ان تكشر فى وجوهنا ليل نهار بالقوة المسلحة حينا وبالدبلوماسية الجافة حينا وبالهجوم الاعلامى فى كل الاحيان
وما لايعرفه الكثيرون ان امريكا لها ايضا وجها جميلا  نستطيع ان نراه اذا استطالت هاماتنا واثبتنا لانفسنا اننا نقبل التحديات ولو اتيحت لنا الامكانات نستطيع ان نحقق الكثير الذى يؤكد لامريكا ولغيرها ان الاستثمار فى مصر حتى وان كان لا يستهدف الربح المادى فهو رهانا على شعب يستطيع ان يحقق ارباحا هائلة على المستوى الانسانى والحضارى
بالامس كان الحفل الذى شاركت فيه بدعوة من وكالة التنمية الامريكية لتكريم الذين عملوا على مدى الثلاثين عاما الماضية فى مشروعات ممولة من المعونة الامريكية  تستهدف رفع كفاءة الخدمة الصحية فى مصر على سبيل المثال خفض معدل وفيات الامهات والاطفال ( اصبحنا على قائمة كل دول العالم فى هذا المجال ) وتنظيم الاسرة والقضاء على شلل الاطفال والامراض المعدية  وتطوير المستشفيات العامة ومراكز الامومة والطفولة ( وهذا تخصصى )وغيرها من المجالات
و كان التحدى الحقيقى لنا ان نضع التصورات على الورق على شكل اهداف يمكن تحقيقها لو توفرت الموارد المطلوبة ، وكان العامل البشرى ممثلا فى خبرة المصريين المستمدة من العمل او المكتسبة من التدريب هو العامل الحاسم الذى حفز الجانب الامريكى على ان يثق فى امكانية تحقيق الاهداف حسب الجداول الزمنية المقترحة
وباختصار وبدون الدخول فى تفاصيل يمكن الحصول عليها بسهولة ، قبلنا التحدى وحققنا انجازات مدهشة على مستوى العالم فى مجال الخدمات الصحية فى مواجهة بيروقراطية الحكومة المصرية وبيروقراطية وكالة التنمية الامريكية ولم يحدث طوال هذه المدة ولاننا كنا منخرطين فى العمل  ان شعرنا ان الجنسية او اللون او الدين او الجنس قد وقفت حائلا دون تحقيق تلك الاهداف السامية

الخميس، مايو 05، 2011

حسنى مبارك


كنا مجموعة من الاصدقاء تجمع بيننا لعبة الشطرنج فى مقهى قشتمر بحى الظاهر عندما كانت تتميز بالهدوء وعندما باعها صاحبها قرر المالك الجديد تطوير المقهى لجذب المزيد من الزبائن ، وقد تحقق ما اراد وتعرضت المقهى لغزو من الشباب جيوبهم محشوة بالنقود فتحول المكان الهاديء الى ما يشبه السوق الذى يعج بالصخب والضجيج
ولما كان الشطرنج من الالعاب التى تحتاج الى الهدوء فقد قررنا الرحيل الى مقهى اخر بميدان تريومف بمصر الجديدة وهناك تعرفنا على كابتن يونس الطيار الحربى رحمه الله
كان الكابتن يونس شخصية مذهلة غنية بتجارب الحياة وذات ليلة حكى لنا تفاصيل زمالته لحسنى مبارك واحمد شفيق اثناء بعثتهم الى الاتحاد السوفييتى السابق ، حيث ابدى الطيار حسنى مبارك تفوقا فى مجال الطيران والمناورات فى الجو و تفوق احمد شفيق عليه فى الناحية الاكاديمية  اما فى غير اوقات الدراسة والتدريب فبينما كان كل الطيارين المصريين يقبلون على الحياة بنهم وشغف وقد فتحت امامهم ابواب المتعة والمجون ظل حسنى مبارك كفلاح لم تبهره اضواء موسكو ولا فتياتها الشقر الحسناوات وكان يرفض المشاركة فى اللهو او شرب الخمر مفضلا النوم مبكرا فى مقر البعثة وكانت اقصى درجات استجابته لمشاركة زملاؤه عندما يقبل تدخين سيجارة من علبه سجائر احد الزملاء فلم يعرف عنه انه دفع قرشا لشراء السجائر فى احد الايام
وكان لا يشارك فى اى مناقشة حول اى من الموضوعات العامة او الخاصة ولم يفصح يوما ما عن مشاعره او ما يجول فى خاطره ونتيجة لسلوكه هذا لم يكن محبوبا او مرحبا به بين الزملاءعلى العكس تماما من احمد شفيق الذى كان محبوبا ومميزا
بإختصار شديد وكما وصفه كابتن يونس " حسنى مبارك مالوش فى  حاجة "
وكان سلوك حسنى مبارك ابان بعثته فى روسيا مبعث اختلاف اعضاء شلة الشطرنج على تفسير سبب انطوائه فلم يعرف عنه التدين او التصوف الذى يكبح جماح الشباب فى مواجهة متع الحياة ولم يعرف عنه اعجابه بفلسفة او فكر يدعو للعفة والتطهر ورجح معظمنا هذا السلوك الى نشأته واسلوب تربيته
فى المقابل اتفق الجميع على ان تلك الملامح التى وضحت فى شبابه تفسر بما لا يدع مجالا للشك  فشله فى ادارة شئون البلاد لتلك الفترة الطويلة التى تتميز بعدم حسم الامور والتأجيل وعدم المبادرة وعدم احساسه خلال تلك الفترة الطويلة انه يطير بمفرده خارج السرب