الثلاثاء، مارس 23، 2010

اخر معاقل الرجال

مجلس الدولة الهيئة القضائية المحترمة كيف يمكن الضغط عليها وتشويه سمعة مستشاريها بهذه القسوة والوحشية ؟
كيف يجرؤ احمد نظيف على تخطى سلطاته واختصاصاته ويسمح للسلطة التنفيذية ان تتغول على السلطة القضائية  الوحيدة فى مصر التى تملك ان تدين الحكومة اذا خالفت القوانين ؟ ولماذا هذه الهجمة الشرسة لتعيين المراة فى منصب القضاء ؟
لم يحدث حتى الان تقييم  على اسس علمية لدور المرأة فى مجالات العمل المختلفة التى التحقت بها منذ ما ينيف على الخمسين عاما ، ما هى الاضافات الايجابية لعمل المرأة الى جانب الرجل او فى تعبير اخر مزاحمة الرجل ؟ هل حال بلدنا صار الى افضل ام هو يسير من سيء الى اسوأ ؟ فليجب الذين اثاروا ازمة الحاق المرأة بالقضاء على هذه الاسئلة بحيادية وشفافية قبل احراج مجلس الدولة والضغط عليه  مستجيبين الى شروط تملى علينا من الاخرين 
المعيار الحق  للبت فى امر يمس حياة الناس هو التجربة على ارض الواقع ثم تشريح هذه التجربة على مائدة البحث والمناقشة لمعرفة ايجابيات التجربة فنعززها وسلبياتها فنتجنبها
ويحضرنى تجارب شخصية فى مجال عملى عندما طلب منا كمهندسين اجراء دراسة لترميم دورات المياه باحد المبانى العامة فكلفت مهندسة فى ادارتى ان تقوم بمعاينة لدورات المياه فرفضت بحجة انها امرأة لايليق بها الدخول الى دورات المياه ومرة اخرى لم تستطيع مهندسة  ان تعمل ساعات اضافية تحت ضغط العمل بحجة انها لم تحضر الطعام لزوجها واخرى تحضر متأخرة فى الصباح ساعة او اكثر لرضاعة طفلها وهكذاونجاح امرأة فى مجال ما لا يعنى ان ذلك قاعدة تتبع بل الواضح انه الشذوذ الذى يثبت القاعدة
وقد شاهدت المستشار الدكرورى رئيس نادى قضاة مجلس الدولةيقول ان ظروف العمل فى مجلس الدولة صعبة للغاية وان ارجاء الموافقة على تعيين الاناث فى مجلس الدولة لا يعنى الرفض من حيث المبدأولكنه غاضب جدا من الضغوط التى تمارس على الرجال الشرفاء فى مجلس الدولة من جانب السلطة التنفيذية وعلى راسها احمد نظيف وذلك بطلب المحكمة الدستورية العليا ان تفسر القوانين التى لا تحتاج الى تفسير فهى تفسر نفسها  
وفى كل العالم هناك اماكن مقصورة على الرجال واخرى مقصورة على النساء ولم يؤثر ذلك على حقوق المرأة او كرامتها كما ان المرأة تستطيع ان تشارك بطريقة اكثر فعالية بان تفسح بعض المجالات للرجل ثم تؤثر فيه وتراقب اداؤه فرأيها معتبر عند الجمهوروسوف تثبت النساء انهن يستطعن تفويت الفرصة على الذين يقولون امين لكل شعار  فارغ من المضمون يسهم فى تدهور احوالنا اكثر واكثر
  

الخميس، مارس 18، 2010

سمك فى مية

 فى الصباح شعرت بالنشاط يتبعه التفاؤل بأن هذا اليوم مختلف عن الايام الماضية فأعددت العدة وأحتشدت لكى أقود سيارتى لمركز المدينة   وعندما اصبحت محصورا فوق الكوبرى المعلق فى السماء أنحسر عنى تفاؤل الصباح  بعض  الشيء فقد كنت فى وضع يصعب معه التراجع الان وعندما انزلقت السيارة نازلة من الكوبرى بسرعة كبيرة نسبيا أستنشقت الهواء المدخن بالكربون و حدثتنى نفسى متسائلةمتى اذن اتعلم ؟ لا شك اننى كنت سمكة فى حياة اخرى فأنا مثل السمك  لا  يتعلم ابدا فكل مرة يسقط فى الشبكة
يوم امس جائتنى المكالمة عبر الهاتف تحدد لى موعدا هذا الصباح وكنت فى حالة من الترقب والفضول فقد يتمخض اللقاء عن فرصة طال انتظارها ولكن الترتيب للموعد جاء من خلال طرف ثالث و  لست ادرى كم مرة سببت لى الاطراف الثالثة مشكلات احيانا بسبب سوء الفهم او الانطباع الخاطيء  و  فى معظم الاحوال كان الطرف الثالث مثل الدبة التى قتلت صاحبها  ، فما بالنا اذن نقرأ التاريخ الذى وصلنا عبر اطراف شتى ثالثة ورابعة الى اخر السلسلة بكل هذا الاطمئنان وقد تبدو تلك الخاطرة خارج اطار الحدوتة ولكنها ليست كذلك تماما
درت فى الشوارع المحيطة ولففت وتمهلت ثم تهورت ثم عدت فأسرعت دون جدوى اخيرا استسلمت وتركت السيارة ومفاتيحها فى ايدى اشك كثيرا انها امينة وقد استبد بى القلق ، آه انه القلق مرة اخرى ذلك الضيف الثقيل الذى يتسلل الى نفسى ثم يتمكن منها فيخرجنى عن المزاج الرائق الذى احاول بلوغه فيساعدنى على التركيز فيما اقوم به ، فلماذا حضرت بالسيارة من اصله ؟ الا اعيش فى هذه المدينة العصية منذ زمن ؟ الم ارتكب هذه الغلطة من قبل مرات ومرات و عانيت حتى تمنيت ان اخرج من السيارة واتركها فى عرض الشارع ولتذهب السيارة وباقى السيارات التى تحيط بى الى الجحيم فيكون هذا التصرف الارعن هو عينا بعين  هذه المدينة اللعوب ؟ سمكة مافيش كلام 
ثم صعدت فدنوت من السكرتيرة التى يتخذها المديرون ستارا يحتمون ورائها ممن يرغب فى الدخول الى جناتهم ، سألتنى عن وجود سابق موعد فأكدت  لها بتردد ان هناك موعد فعلا وتطرق الى سمعى النقاش الذى دار داخل غرفة المكتب الذى ظهرت على اثره الفتاه ودعتنى الى الدخول مختلسة الى النظرات من طرف خفى  فدخلت فنظر الى الرجل متفحصا ومتسائلا فرددت فابتسم متذكرا ومرحبا ولكن اللقاء لم يرتقى لتوقعاتنا فشكرا للطرف الثالث الذى اكد لى اننى سمكةبدون شك فمتى اتعلم؟
ومن المساخر انى اضطررت بناء على طلب الطرف  الثالث ان اتصل به  لكى اطمئنه على نتيجة اللقاء الذى قام بكتابة السيناريو له فى منطقة الخيال من تلافيف مخه الذى به هذا القدر من الطاقة القادرة على تحريك المادة ، و الفكرةقد تبدو مجنونة الا انى بت مؤمنا بانها ممكنة لان كل انواع الطاقة قابلة للتحول ويبدو ان الروح تحملها طاقة تعبر بها من اطر المكان والزمان ، فهل حلت روحى فى وقت ما فى جسد سمكة لا تتعلم فتكررت اخطائها فعوقبت بان تحل فى جسد ادمى يعيش فى هذه المدينة فتعذب لعلها تكفر عن سذاجتها فترتقى الى مستوى اخر فى عصر جديد؟  

الاثنين، مارس 01، 2010

رسائل البحر






فسحة من الوقت اتيحت لى فترجلت متسكعا فى شوارع وسط البلد ووجدتنى امام دار السينما وافيش فيلم رسائل البحر امامى ينادينى وكالمنوم بالمغنطيس انتهيت جالسا امام الشاشة الكبيرة
افسدت على نفسى متعة مشاهدة الفن السينمائى الذى امتلك زمامه داوود عبد السيد من مناظر وتمثيل واضاءة وظلال بالغوص فى بحر الالغاز التى مثلت عمقا لما طفا على السطح ، والفيلم كما فهمته ما هو الا فيلم مواطن ومخبر وحرامى فى ثوب جديد فهو هو الشاب السلبى العاجز عن التفاعل مع المجتمع بل ان المجتمع ليقتحم عليه حياته ويجوس فى خصوصياته وهو واقف يتفرج على ما يحدث كأنما يحدث لشخص اخر
بطل فيلم رسائل البحر اسرياسين شاب قد يمثل جيل كامل من شباب مصر قد انقطع عن جذوره ( وفاة ابيه ) فوجد نفسه وحيدا وحرا فى الدنيا فخاض فيها بلا تمهل بل اغترف منها ما وجده امامه بتهور ( رمز داوود الى الدنيا او مصر ان شئت بالخمارة التى يلتقى فيها نماذج عديدة ومتناقضة من الشخصيات ) فيلتقى بقابيل البودى جارد الذى له مظهر البلطجى المخيف ولكنه ذو قلب رقيق لا يستطيع ايذاء ذبابة ( نفس دور محمد لطفى فى فيلم كباريه ) ولست ادرى ما هو المغزى وراء الاسم وهل المقصود هو قابيل ابن ادم الذى اقترف اول جريمة قتل ثم ندم ام هو الاخ المغدور لست ادرى وعلى العموم فان داوود يستعمل هذه الشخصية كحارس (؟؟؟؟؟) للخمارة والتى ترمز الى الدنيا او الى مصر والحارس يعانى من ورم بالمخ يحتاج لعملية جراحية سوف تمحو ذاكرة قابيل لذلك فهو يهرب من العملية ولكنه فى النهاية و ليحافظ على التاريخ يلقن كل ذكرياته الى بيسه غانيه الكباريه (!!!) ، ويرتبط يحيى بطل الفيلم بالبحر فيصطاد منه السمك ليبيعه ويعيش والبحر يمنحه الرزق فيعيش فى سعه واحيانا يمنع عنه رزقه فيجوع
 ومستويات الرمز للبحر فى الفيلم متعددة فيحيى عند وصوله لاول مره للاسكندريه يفتح الشباك المطل على البحر ويقف يواجهنا بظهره فيكون المشهد مماثل تماما للوحة سلفادور دالى الشهيرة امام النافذة ولما كانت اوروبا على الناحية الاخرى من البحر فكأنما يقف يحيى ليطل على اوروبا مصدر الحضارة الذى يمد مصر بالثقافة وكذلك على نفس النحو نفهم الرسالة الغامضة فى الزجاجة فهى بحروف لاتينية ولكنها بلغة غير معروفة وهى رسالة اختص بها البحر يحيى ليفسرها فلم يستطيع
وكان يحيى عاجزا عن الكلام مع الناس بسبب تأةتأة وتلعثم فى نطقه للحروف ولكنه قادر على الحوار مع نفسه ومع العالم عن طريق الموسيقى لغة المشاعر التى تعوض عن الحوار مع البشر وهنا تقفز الانثى الى حياته (بسمه) وتفرض نفسها عليه وتتظاهر بانها مومس مع انها زوجة ثانية لرجل اعمال يعتبر نموذج لطبقة لرجال الاعمال الاثرياء الجدد الذين يشترون الاشياء والناس باموالهم  وقد تكون قد اوهمته بانها مومس للحصول على الحرية المطلقة فى العلاقة الجنسية التى تتورع السيدات المصريات فى العادة عن اظهار شعورهن الحقيقى وهن يمارسنها
وعندما يجد الفتى الانثى التى تخاطب جسده وغرائزه ويشعر بالسعادة فلابد هنا ان يتدخل الشيطان ليخرجه من الجنه ، والشيطان هنا هو النموذج المفضل للمثقفين فهو من يتستر بالدين وهو فى الحقيقة بدون اخلاق ليفعل ما يحلو له فهو يصطاد السمك بالديناميت ويقرر ان يخرج يحيى من العمارة فيقدم التفاحة ليحيى فى رمز مباشر ليخرج من العمارة ( الجنه ) التى اشتراهافيرفض فيتوعده بان يخرجه بالقوة
ويستطيع الحاج هاشم صاحب العمارة الجديد ( لاحظ دلالة الاسم على امرين اولهما الدلالة اللغوية فالهاشم هو الذى يهشم اى المحطم او المدمر او الدلالة على الفتح الاسلامى لبنى هاشم لمصر الذى بدل دين البلاد )يستطيع الحاج هاشم ان يخرج الاسرة الاجنبية من العمارة فى اشارة الى ان الثقافة الاوروبية لايمكن ان تتعايش مع ثقافة المتستر بالدين السائدة وبالرغم من النموذج الذى قدمه داوود عن علاقة الاجانب المشوهة بالمصريين متثملة فى العلاقة الجنسيةالشاذة بين البنت الايطالية وعشيقتها المصريةالا انه يشعرنا بالحزن من خروج الاجانب حاملى مشعل الحضارة ( فى رأيه) على يد الثقافة الوافدةالتى تتستر بالدين
فى النهاية ينجح الحاج هاشم فى طرد يحيى وعشيقته من المنزل ولكنه ( يحيى )يركب قارب النجاة فى وسط البحر المليء بجثث الاسماك النافقة المشهد الذى يذكرنا بالفيلم القديم يوم خروج الاسماك لاحد المخرجين القبارصةعام 1967، ما لم استطيع تفسيره لو كان هناك تفسير له هو اسم قارب النجاه وقد اختار داوود عبد السيد اسم القدس للقارب مع رسم لعين تنظر محدقه للامام ، والقدس مدينة مغتصبة او هى مدينة الانبياء ورسالات السماء فقد يريد الاشارة الى ان الحل لازمة يحيى فى اللجوء الى الدين فلو كان ذلك كذلك لكان داوود قد اخرج فيلما كوميديا
عموما لاانصح احد يشاهد الفيلم ان يفسد متعة المشاهدة كما افسدتها بمحاولة فهم ما يريد داوود عبد السيد فقط تمتع بالفيلم ومناظره و تمثيل الابطال الجميل واستمتع كذلك بموسيقى البيانو الجميلة