الخميس، أكتوبر 30، 2008

MILESTONES




قضى أمدا طويلا من عمره يلهث خلف السراب، كلما تحققت رغبة اشتاق لها أو حصل على شيء أراده لم يشعر بالسعادة التي توقعها وحلم بها رغم الشقاء الذي كابده

السعادة السعادة ، تحت أي حجر تختفي السعادة ؟ وراء أي أكمة تنزوي ؟

افتح يا سمسم !!! افتح يا شعير !!! افتح يا فول !!!

لا يريد أن يفتح مع إن على بابا بعد الضنى لابس حرير في حرير

علامات الطريق أحجارا منقوش عليها أسماء بشر وأمكنة وأرقام وخرائط مدن، كلما اسند جسده المرهق على حجر و القي برأسه ناظرا إلى أعلى سمع فرقعة عظام ظهره ثم نظر خلفه فإذا هو لم يبرح مكانه

روحه خفيفة شفافة لا تشيخ ولا تهرم لم يترك الدهر عليها اثأرا كما ترك على جسده ونفسه

آمن انه لا يريد الأشياء التي يستطيع إدراكها بحواسه فهي تتلف وتتعطل بل قد ترهقه في سعيه

هل السعادة هي السعي نفسه؟

الجمعة، أكتوبر 17، 2008

حدوته



استلم الحجر الاسود على يساره ثم بدأ الطواف وسط الزحام وعلى الفور اختنق صدره واغرورقت عيناه ثم اجهش فى بكاء بصوت عالى لم يلاحظه احد فقد ضاع فى ضجة الحجيج

عاودته الذكريات الاليمة شاهد كل شيء امام عينيه ، اول مرة يراها كانت فى الشارع العمومى ولفتت نظره بملابسها الجميلة والابتسامة الغريبة على شفتيها

ثم التقيا مرة واحدة فى مقهى قالت له بعدها انه لم ينال اعجابها وانهم غير لائقين لبعض فجن جنونه ، طاردها حينا ثم اختفت وانشغل فى عمله ثم سافر بعيدا وعاد بعد عامين ليجدها مرة اخرى امامه فى نفس الشارع

رحبت به واستشعر فى عينيها الماكرتين سعادة بلقائه ، جلسا فى المقهى وتحدثا طويلا ثم سافر مرة اخرى فنسيها الى ان ارسلت له ذلك الخطاب المشئوم ، فرح بالخطاب فقد حمل له دعوة صريحة للتقدم لها للزواج وكانت قد انتقلت لتعيش مع اسرتها فى بلد اخر ، اتصل بوالدها واتفقا على موعد وسافر اليهم وبسرعة تمت الموافقة على الخطبة ثم بدون تريث من جانبه اشترى لها ذهبا وماسا ودارت العجلة بسرعة وهو يلهث من بلد الى اخر ومن فندق الى اخر ومن سوق الى اخر ومكالمات دولية طويلة باهظة وهدايا لها ولاسرتها و مباريات شطرنج مملة مع اخوها ثم حفل الزفاف الكبير والموسيقى والاضواء والحلوى والاقارب والاصدقاء وهو يلهث والدقائق تمر عليه ثقيلة بطيئة وهو ينتظر ان ينتهى كل ذلك وتتوقف العجلة عن الدوران ويغلق عليهما الباب لبتعدا عن كل الناس وكل هذا الصخب

فى هذه الليلة كتب له ان يرى عذابا شديدا زلزل كيانه واسلمه الى ضياع غير مسبوق فقد كانت غير عذراء ، جلس فى شرفة غرفة الفندق الفاخر ينظر الى ظلام الليل مهزوما محطما فجلست بجانبه تتصنع الاستغراب من سلوكه هذا ليلة زفافهما ففقد القدرة على الكلام

وكانت العجلة الجهنمية لاتزال تدور ففى الصباح سوف تحلق بهما الطائرة الى تلك الجزيرة الاوروبية لقضاء الهنى موون و هناك كانت هى سعيدة منطلقة بين شواطيء الجزيرة واسواقها وهو يتبعها كعبد فى يدها حبل مربوط حول رقبته تشده حين تشاء وتهمله كيف ارادت

كانت تصرخ من فرط اللذة عند اللقاءات الحميمية فيرى جيرانه فى الغرف المجاورة فى الصباح يتغامزون ويتهامسون اذا مروا بجوارهما وكانت تقبل على الطعام فى نهم وشهية وتفرض عليه قواعد الاتيكيت فيقف خلف المقعد فى المطعم يسحبه لها ويجلسها اولا ثم يجلس بعدها وهى تختار الزاوية التى تستطيع منها مراقبة كل الناس فى قاعة الطعام بينما يعطى هو ظهره للقاعة ولا يرى سواها فتقول له من فضلك لا تطيل النظر الى هكذا ، واذا مشيا الى السوق فأخذت يده فترك يده لها قالت له لماذا لا تقبض على يدى بيدك الا تغير على من الناس فيهز راسه غير مصدقا ما يحدث له ويتمنى ان يستيقظ من هذا الكابوس

بدأت تشاركه لفافات التبغ على استحياء اولا ثم اصبح لها علبتها الخاصة وكانت احيانا تقترح ان يشربا نبيذا مع وجبة العشاء

ثم سافرا معا الى البلد الذى يعمل به فانقلبت حياته الى جحيم فهو لا يطيق فكرة ان يتركها وحيدة فى المنزل فيتصل بها واذا حدث انها لم ترد على الهاتف يترك عمله ويسرع الى المنزل ليأكد من وجودها واذا خرجا سويا شعر ان الرجال يراقبونها ويتمنونها وانها تشجعهم بابتسامتها التى لا تفارق شفتيها

رفض فكرة الانجاب تماما وساق لها كل الحجج وكان حريصا بشدة على ان تواظب على حبوب منع الحمل وكان احيانا يأخذ الحيطة من جانبه بوسائل اضافية

وبعد عدة شهور وقد اصبح قلبه خربا وعقله مشوشا استيقظ فى الفجر فتوضأ وصلى ركعتان ذاب فيهما وبكى ودعا الله واقترب ، فى الصباح اخبرها انه قرر اداء فريضة الحج هذا العام وانه يود لو رافقته ليتطهرا سويا ويعيشا حياة جديدة

رفضتت بشدة وبهدوء حجز لها فى اول طائرة متجهة الى حيث تعيش اسرتها

افاق من ذكرياته وهو يطوف بالبيت العتيق على الوكزات التى كان يتلقها من الحجاج الافريقيين الذين يطوفون معه فتوقف عن البكاء وانخرط فى المناسك

عاد الى البلد التى يعمل فيه بعد اداء الفريضة وفى اليوم التالى ذهب الى السفارة وارسل لها ورقة الطلاق

الأحد، أكتوبر 05، 2008

زيارة


 فى زيارة لقريبتى الارملة ،جلست اعبث فى الكرافات و كنت الرجل الوحيد بين نساء  وفتيات عدة بينهن التى لم تتزوج والتى رحل زوجها وراء ريالات النفط وترك لها بناتها والاخريات المتزوجات المنقبة والمحجبة والسافرة 
وبينما  امتدت الايدى الى اطباق الكعك والحلوى توجهت الانظار تلقاء الفتاة التى تعمل فى اوروبا وقد انهمرت عليها الاسئلة التى تلونت بالفضول وقد استمتعت بالرد على النساء اللاتى سلقنها بنظراتهن التى تخترق الظاهر الى الباطن وتترجم ما تحتوى الكلمات من معانى خافية واسقاطات وظلال فى عقول مدربة على القتل البارد ولكنها صمدت وابدت روحا شفافة نقية فهى لا ترغب فى الاستمرار فى الغربة القاسية 
ثم انطلقت المنقبة فى شرح وجهة نظرها التى يلفها الغموض عن العلاقة المثالية بين الزوجة المؤمنة واسرتها  فى اطار السعى الى التقرب من الله وصرحت بأن تلك العلاقة يجب ان تكون مجرد اداء للواجبات الشرعية فقط من ارضاء للزوج واطعام الابناء ليس اكثر من هذا وان مجهودها كله يجب ان ينصرف للعبادة والتقوى
وفشلت تماما فى الدفاع عن نفسها امام الهجوم الكاسح التى فوجئت به من النساء الاخريات اللاتى اتهمنها بعدم فهم جوهر الدين 
ثم انتقل محور الحديث الى حلقات معز مسعود فقالت السيدة ام البنات " ده امور خالص " ثم بدأت المقارنة الدامية بين عمرو خالد ومعز مسعود التى انبرت فيها الفتيات الصغيرات فى الدفاع عن عمرو خالد بينما اختارت السيدات الانحياز الى الداعية الاخر 
شاركت بالابتسام حينا وبهز الرأس احيانا وبالغمغمة بكلامات غير مفهومة معظم الوقت 
تحدثت السافرة عن الافلام الامريكية التى تعشقها وكيف انها شاهدت فى احد الافلام فتاتين ذوتا بشرة بيضاء شديدة البياض وقد ارتدت واحدة فستانا بمبى اللون والاخرى فستانا بلون السماء الزرقاء فقالت المنقبة انها لا تشاهد تلك الافلام الا لرؤية الديكورات الجميلة فى البيوت فقالت السافرة انها حولت السارى الهندى الذى اهدته لها استاذة الجامعة الى ستارة جميلة فقالت لها الاستاذة انه باهظ الثمن فردت السافرة انها على استعداد لدفع ثمنه فى الحال فقالت الاخرى انها فكرة جميلة ومبتكرة على اى حال ثم صمتت فى حزن
انقذتنى الفتاة قوية الملاحظة عندما دعتنى لتجربة اللاب توب الجديد الذى اشترته امها لها هدية النجاح فى الثانوية العامة والتحاقها بالجامعة الالمانية نفضت السكر البودرة من على الكرافت وعندما انتقلت الى الغرفة الاخرى تنفست الصعداء واصوات النساء وقد احتدم بينهن النقاش تترامى الى مسامعى