الأربعاء، يوليو 22، 2009

ماذا حدث للمصريين ؟

المتدينين هدفهم الوصول للحكم ، هذه المقولة التى تجرى على لسان البعض و ان ما يريده المتدينين ما هو الا تدبير فى السر لجريمة لا تغتفر

فى اطار الديموقراطية ،القوى السياسية فى بلد ما من احزاب وتحالفات اخرى تعمل بهمة ونشاط فى المجال السياسى للترويج لافكار معينة لادارة مصالح المجتمع ، و نجاح ترويج هذه الافكار يتحقق بقبولها لدى الناس وحماسهم لتطبيقها على ارض الواقع ويتم تطوير الافكارعلى هيئة برامج لها اهداف واطار زمنى محدد وتكلفة تقديرية ثم يخوضوا بهذه البرامج الانتخابات ليصلوا الى الحكم لتنفيذ الافكار التى يروجون لها ، وهناك احزاب فى بعض البلاد التى رسخت فيها المباديء الديموقراطية تحمل اسماء ذات صبغة دينية ولها برامج تحترم القيم الدينية ولم يثر ذلك حساسية فى بلاد تعتنق العلمانية لدرجة التشنج

اى ان الوصول الى الحكم ما هو الا لب العمل السياسى او سمها اللعبة الديموقراطية

المقولة الثانية التى يرددها البعض ان المتدينين اذا وصلوا للحكم فسوف يعطلون الديموقراطية ويفرضون على الشعب نمطا من الحكم يستمد شرعيته من ايمان الحاكم بأنه خليفة الله فى الارض وانه لا يجوز الاعتراض على سياساته لانها سياسات تستند الى تفسير النصوص المقدسة ، والنصوص المقدسة مطلقة لا تقبل الجدل ولا اللف ولا الدوران فليس امام الشعب الا ان يسجد قائلا امين

واذا درسنا التجارب الديموقراطية فى البلدان التى تتخذها نظاما سياسيا نجد ان الحاكم فى بعض الاحيان يسوس الناس ومنهم الاقليات العرقية والدينية باغلبية ضئيلة لو حسبت منسبة الى مجموع من شاركوا فى العملية الانتخابية وبالرغم من ذلك فهو يفرض سياسته ويتخذ قرارات تؤثر مباشرة فى حياة الناس ومصالحهم مستندا الى التقاليد الديموقراطية المقدسة التى لا يسع الناس الا القبول بها قائلين امين

اذن ما هى الضمانات التى تضمن لشعب ما ان يحاسب الحاكم ويراجعه ؟ هذه الضمانات هى الرقابة الشعبية التى يعبر عنها ممثلو الشعب فى المجالس المنتخبة والصحافة التى تنشر وتفضح وهناك بعض القوى فى بعض المجتمعات التى تضمن المباديء العامة من عدل وحرية ومساواة وهى قوى محايدة لا تشارك فى اللعبة السياسية ولكنها مثل الجيش او الشرطة او القضاء لها ثقل فى المجتمع لتصحيح مسار السياسة التى يتبعها الحاكم فلا يشط ولا يتخذ هواه الها

المقولة الثالثة التى يرددها البعض هى انه لا يجوز خلط السياسة بالدين لان السياسى بطبيعته مناور وكاذب وبدون الكذب والمناورة لا تستقيم الحياة السياسية ومن غير المناسب ان ينتسب سياسى الى تيار دينى ويمارس الحياة السياسية وهى كذلك

وهكذا فان سياسة وزارة ما مثل وزارة الصحة على سبيل المثال تعتمد على المناورة والكذب فى ادارة شئونها لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين فتصدر بيانات خاطئة وتبيع ادوية مغشوشة وتشغل اطباء وممرضات غير اكفاء ووزارة مثل وزارة الزراعة تشترى من الفلاحين محاصيلهم بابخس الاسعار وتبيع لهم مبيدات مسرطنة وتستورد قمحا ملوثا وتعرض فى الاسواق خضرا وفاكهة معالجة وراثيا ووزراة مثل وزارة التربية والتعليم مدارسها بدون تلاميذ ومناهجها غير عصرية وكتبها غير مفهومة

الى اخره من امثله نجدها فى حياتنا اليومية ثم نجد من يسأل ماذا حدث للمصريين وما هى الاسباب التى ادت الى ما نحن فيه من فقر ومرض وبطالة والاجابة هى السياسة والمباديء التى يعتنقها السياسيون

الخميس، يوليو 09، 2009

مسرحية من فصل واحد


اول الليل ، غرفة المعيشة فى بيت عصرى بها منضدة مستطيلة واربعة كراسى تعلوها ثريا من النحاس والزجاج ، فى الخلفية نافذة عليها ستارة ذات شرائح افقية ، على اليمين باب يؤدى الى المطبخ والى اليسار باب غرفة النوم

هو جالس الى المنضدة وقد فرد اوراقا وكتبا واقلاما ملونة واخد يخط سطورا على الورق الاصفر المسطر الذى يستخدمة لمسودات المواد التى يعدها لبرنامج المناقشة الاسبوعى فى القناة الفضائية السياسية ، سرقه الوقت ولم يعد امامه الا سويعات قليلة قبل تسليم المادة المطلوبة

هرش رأسه وبدا عليه التوتر والنرفزة ،احضرت هى صينية عليها بعض الشطائر و الشاى والماء المثلج


نظر لها من خلف نظارته وقال لها وقد لمعت فى عقله فكرة ما

هو : تعالى اشتغلى معايا شوية

رسمت على وجهها ابتسامة محايدة وفكرت قليلا

هى: طيب لحظة واحدة

غابت دقائق وعادت وقد ارتدت ثوبا شفافا قصيرا بلون ليمونى وقد تحررت من حمالة صدرها فبدا ثدييها الصغيران وجسدها الاسمر النحيل المتناسق ، جلست على حجره واحاطت عنقه بذراعيها فى دلال

اطلق ضحكة

هو: لا موش قصدى ، انا كنت محتاج اناقش معاكى شوية افكار قبل ما اكتب الشكل النهائى لمادة البرنامج

انتقلت الى الكرسى المقابل له وهزت راسها الجميل من اعلى الى اسفل باشارة الموافقة

هى: الموضوع بخصوص ايه ؟

هو : اليسار المصرى المعاصر ، يعنى مثلا تاريخ اليسار وفلسفته وكده

هى : انا ما اعرفش غير ان اليسار هم الجماعة اللى بيقعدوا على الشمال

هو : كلامك صح ميه فى الميه ولكن دى البداية لما عامة الشعب قعدوا على شمال الملك الفرنسى بينما قعد النبلاء ورجال الدين على يمينه ومن يومها اتصنفت الحياة السياسية الى يمين له افكار تقليدية جامدة ويسار بيتطلع للتطور والتجديد

هى : يعنى اليسار ضد الدين ؟

هو : لا موش ضرورى ولكن المشكلة فى رجال الدين او الناس اللى بيمثلوا الدين هم اللى بيفهموا الدين بطريقتهم وطريقتهم دى بتعطل التقدم

هى : يعنى الدين موش ضد التقدم ؟

هو : على حسب ما تفهميه انتى ، فالدين له قيم جميلة بتدعوا للخير لكن المشكلة فى التعصب وتفسير النصوص المقدسة على حسب المصالح

هى : ايوه زى اعداء المرأة اللى بيفسروا الدين بحيث دايما الستات يبقوا مهمشين

هو : قضية التهميش دى مهمة جدا وموش بس ضد النساء ولكن ضد فئات كاملة من الناس فى المجتمع لدرجة انه لا احد يعرف تفاصيل دقيقة عن الخريطة الاجتماعية فى مصر

هى : يعنى اليساريين بيدافعوا عن الحرية؟

هو : والمساواة كمان ، اليمنيين بينادوا بالحرية عشان تكون هدف فى حد ذاته ودى حاجة نبيلة لكن دايما اليمينيين بيغمضوا عيونهم عن الاساليب اللى بتوصل للغايات النبيلة بعكس اليساريين

هى : الحياة تبقى بايخة جدا بدون حرية ، انا من انصار الحرية ، ممكن بقى اروح اشوف شغلى ؟ ( تغنى بصوت عال ) اعطنى حريتى اطلق يديا

هو : ( ضاحكا )الله الله ، العبيد يتمردون على السادة

هى : مولاى الملك انا اشتغل واتعب بدون اجر مافيش حد عندك فى التاريخ دافع عن العمال

هو : كارل ماركس احسن واحد رصد العلاقة بين صاحب العمل والعامل وازاى تطور المجتمع على حساب العمال الغلابة بالقيمة المضافة

هى : يعنى ايه

هو : يعنى صاحب العمل ما بيدفعش للعامل ثمن العمل ولكن بيدفع له اجر صغير وبياخد الفرق وهى دى القيمة المضافة

هى : انا عاوزة القيمة المضافة بتاعتى دلوقتى حالا

هو : انا بادفعها لك كل ليلة حب وحنان

هى : يا شقى

هى تذهب الى الباب الايمن بينما هو ينكب على اوراقه وينهمك فى الكتابة ، بعد قليل تدخل هى وفى يدها هاتف نقال

هى : مكالمة

تعطيه الهاتف وتعود الى الباب الايمن

هو : اهلا يا باشا ، قربت اخلص الموضوع

هو : الليبرالية ؟ بلاش من فضلك نتشعب فى الحوار ، طيب طيب ممكن نشير بدون تفاصيل الى ايمان الليبراليين بالحق فى الحياة وحق الاختيار

هو: حرية التعبير موضوع صعب علشان الفنان او الاديب المبدع بيرفض اى قيود ولكن الاشكالية فى مجتمعنا ان المؤسسة الدينية واقفة بالمرصاد

هو : فى الحقيقة انا مؤمن ان الحرية المطلقة هراء

هو : ماشى ياباشا ح احاول

هى : مين الباشا ده ؟

هو : منتج البرنامج يسارى قديم ولكنه بيغير جلده زى الحرباء

هى : كلهم زى بعض ، هو تونى بلير وحزب العمال فى انجلترا موش يساريين برضو؟ موش خانوا مبادئهم ودخلوا الحرب على العراق مع امريكا؟

هو : فعلا دى نقطة مهمة جدا كانت تايهة عن بالى

هو يكتب بعض السطور

هى : انت عارف انا معجبة بمين اكتر ؟

هو : مين ؟

هى : فرويد ، راجل واضح ومعقول ومفهوم ، فسر الكون كله حسب الغريزة الجنسية ، هى اللى بتمشى العالم ده ( ترفع صوتها ) يحيا فرويد

هو : يعيش فرويد يعيش يعيش يعيش

ينهض من امام المنضدة ، يقبلها ويحملها بين ذراعيه ويمشى بها الى باب غرفة النوم ، تطفأ الانوار وتسدل الستار

الخميس، يوليو 02، 2009

السيدة ذات الثوب الابيض

جلست على حافة الفراش وفى يدها كوب القهوة بالحليب وهى تنظر إليه وقد بدأت روحه تعود إليه  فيتحرك لينقلب على ظهره وتسرع حركة مقلتيه ثم يفتح عينيه فوجدها تمعن النظر إلى وجهه ، اعتدل في الفراش وانزل ساقيه من الناحية الأخرى من الفراش فأخذت تنظر إلى بيجامته من الخلف وقد انشلحت فبانت فانلته البيضاء  ، تنحنح وسعل وقام ليدور حول الفراش متجنبا النظر إليها  قاصدا الشبشب الذي استقر بجوار قدمها اليمنى وقد ثنت ساقها اليسرى تحت فخذها على الفراش واسندت ظهرها على شباك السرير النحاسي الأصفر اللامع

في طريقه إلى الحمام أتاه صوتها الأجش  الخشن بسبب تدخين السجائر

محتاجة متين وخمسين جنيه النهار ده

تمتم بكلمة لم تتبينها

صاحت : بتقول ايه

نظر إلى جهة اليسار وقال : ماشى 

أغلق باب الحمام بطريقته المعتادة بدون صوت فهو يمسك بمقبض الباب ولا يتركه حتى تستقر ضلفة الباب مكانها فيترك المقبض فلا يصدر إلا صوت تكة واحدة

نظرت إلى سقف الغرفة وقد زوت ما بين حاجبيها وكأنما أصابتها خيبة الأمل في بدء معركة حامية الوطيس حول النقود التي طلبتها

الراجل جرى له ايه ؟

منذ ثلاثة شهور لم تخض معه اى معركة أو حتى  نقاش فهو يوافق على ما تطلبه فورا بدون أن يظهر على وجهه اى نوع  من الامتعاض وبدون اى كلمة اعتراض ، لماذا تغير ؟

راقبت سلوكه بدقة لم يبدو عليه اى تغيير فمن المؤكد انه لا يخوض علاقة غرامية كما حدث في الماضي فلا عطور جديدة  فقط كولونيا بعد الحلاقة ذات رائحة الليمون الخفيف ولا ملابس ولا حتى كرافتات جديدة

إذا تأخر في العودة إلى المنزل تطلبه على  الهاتف الجوال فتسمع ضجيج الشارع ونفير السيارات وتنصت فلا تسمع أصوات ضحكات نسائية ولا موسيقى شبابية بل صوت إذاعة البى بى سى العربية بأصوات مذيعيها المميزة فهو لا يبدل أبدا محطة الإذاعة تلك وهى تعرف انه في أحيان كثيرة لايصغى إلى راديو السيارة المفتوح دائما

اتصلت بشقيقه وشريكه في مكتب مراجعة الحسابات وكلمته بلهجة عادية وسألته عن أخبار زوجته والأولاد ومتى سوف يلتقون ثم عرجت في السؤال إلى العمل وأخباره ومشاكله فاخبرها أن كل الأمور على ما يرام والعمل يسير على نفس الوتيرة

اتصلت بصديقتها الأقرب  وطلبت منها الحضور فهي  تمر بأزمة عنيفة وتريد أن تفضفض

حضرت صديقتها فاستقبلتها بالأحضان والقبلات ، نظرت إليها الصديقة في انزعاج

مالك يا حبيبتي في ايه ؟

انخرطت في البكاء ولم تستطيع أن تتكلم واستمرت في البكاء والنحيب ودخان السيجارة يلف وجهها ويزيد احمرار عينيها

اسندت رأسها على كتف صديقتها حتى توقفت عن البكاء وهدأت تماما ، انصرفت صديقتها بعد حوار قصير حول الطقس وأخبار المودة والشوبنج 

لم تعد لها شهية للطعام ولا للكلام وأصبحت تنخرط في بكاء طويل بدون صوت فقط الدموع تبلل خدودها ومخدتها وأصبحت السيجارة لاتفارق أصابعها وهى شاردة لا يردها إلى وعيها إلا سقوط الرماد الساخن على جسدها

ثم كان ذلك الصباح الشتوي البارد ، بعد خروجه إلى  عمله ارتدت ثوبا ابيض وخرجت إلى الشارع ، وقفت في شرود و هي تنظر إلى  شاطئ النهر على الناحية الأخرى  ، حاولت العبور وانتبهت إلى صوت نفير السيارة المسرعة نظرت إليها وبعد لحظة كانت ملقاة على الأرض مضرجة في دمائها