الاثنين، مايو 25، 2009

خواطر

مرة أخرى ضبط نفسه وخواطره تطل من نقطة ما في الفراغ تحمله إلى ماض بلا شاطئ فيرى وجوها ويسمع اصواتا و مرة أخرى تلح عليه المواقف التي تمنى لو كان نسيا منسيا قبل أن يمر بها ومواقف أخرى لم يجد لها تفسيرا عبر سنوات وسنوات ومواقف تمنى لو تجمد عندها الزمان فظلت شاخصة في الأفق مطبوعة على صفحة السماء

هذه المرة جرب أن يعود بذاكرته إلى أول شيء يتذكره في طفولته لا يذكر شيئا قبله فلم يستطيع أن يتذكر ابعد من جلوسه على كتف أمه وهى واقفة في المطبخ ورأسه تكاد تلمس المصباح المتدلي وهو يشير إلى ما فوق الأرفف من اوانى وعلب ويسألها : إيه ده ؟ فترد عليه بصوتها الفرح المحبب إلى نفسه فيستشعر السعادة و يعود إلى السؤال : إيه ده ؟ فتجيب مرة أخرى ومرة أخرى ومرات عديدة  و تجلس على الكرسي العتيق ويقف في حجرها و أمامه النافذة ويشرف على الشارع الهادئ ويمتد بصره إلى بيوت ونوافذ وشرفات عاشت معه  وشكلت جزء من وعيه بالمكان تمسك به بقوة خوفا عليه من السقوط فيلتصق بها ويدفن وجهه في صدرها ويغلبه النوم ثم يستيقظ وهو على الأريكة التي في البهو لكي تراه عيناها على الدوام فهي تود أن لا يغيب عنها لحظة واحدة

كانت قد شارفت على الخمسين حين أنجبته بعد سنتين من ولادة شقيقته وقد أيقنت أنها لن تنجب من بعده فحاصرته بالحب والحنان حتى كادت أن تهمل أخته وكانت لحظات من السعادة الحقيقية عندما تضعه في فراشه عند حلول الليل وتغنى له بصوتها الشجي وهى تمسح على رأسه،

  وكانت تحاصره بالخوف المجنون على حياته فحبسته عن اللعب مع أولاد الجيران لا تستجيب لبكائه ونحيبه  و لما تركت له القليل من الحرية كان يحلو له اكتشاف الأماكن والدكاكين وحدائق البيوت في الحي الهادئ  وكان الشارع الذي يقع بيتهم على احد جانبيه يقسم الحي إلى منطقة راقية خلفية تحيط الأشجار ببيوتها وقريبا من منزلهم بيت الخواجاية وأولادها ذوى الشعر الأصفر يتحدثون الفرنسية ويترفعون عن اللعب مع أولاد الجيران وعندما سقطت كرته في حديقة الخواجاية خرج له السفرجى الأسمر وقال له لن ترى الكره مرة أخرى لان المدام غضبانة فجعله الرعب ينسى الكره ويهرب إلى حضن أمه

 وعلى الجانب الأخر بيوت كلح الطلاء على حوائطها عامرة بالناس والحياة والكثير من الأولاد والبنات الذين لا يكفون عن الحركة والصخب  و كان يقترب من الأولاد في حذر ويقف يراقبهم منتظرا منهم دعوته إلى مشاركتهم اللعب حتى نجح في كسب ود احدهم فأصبحا صديقان 

كان صديقه مغامرا لا يهاب الناس فيتحدث مع الكبار بسهولة تدهشه وكان لإيهاب السيارات التي تسير الهوينى في الشارع بينما كان يرتعد منها خوفا و يتذكر حين صفعته على وجهه بقوة أذهلته لما خرج مع صديقه يلعب على الكوبرى الذي يمر من تحته القطار سريعا فيميلان على الحاجز الحديدي ويلقيا أوراقا على القطار فترتد إليهما صاعده على الهواء الساخن المندفع إلى أعلى وحينما استدار وجدها خلفه فصفعته تلك الصفعة التي لا يستطيع أن ينساها فلم يتوقع أن تضربه أبدا

في مرحلة مراهقته احتوته وبفطرتها لم تتركه نهبا للقلق والحيرة كان يشعر بعيونها خلف ظهره وهو يتطلع إلى بنت الجيران وكانت تمتص غضبه غير المبرر وكانت تغسل له ملابسه الداخلية بدون تعليق على الآثار التي كانت عالقة بها وكانت تضحك عندما تراه يسرح أمام المرآة بالساعات يمشط شعره ويدندن اغانى الحب والغرام

ولازال يسمع الزغرودة العالية وقد تكون الوحيدة التي أطلقتها حينما احضر له ساعي البريد نتيجة التنسيق والتحاقه بكلية الهندسة وبعدها لم تعد تناقشه أبدا في طلباته التي كان يبالغ فيها دائما ليستطيع أن يخنصر ثمن تذكرتي سينما أو علبة سجائر

ويوم اخترق الألم صدرها فصرخت وسقطت على الأرض بجوار سريرها سقط معها قلبه ونظر إليها بلا حول ولا قوة وعاشت بعد ذلك على الأدوية المسيلة للدم ولكنها لم تفقد نشاطها وحيويتها

تحملت فراقه سبع سنوات يعمل في الخارج وكانت تحتاج لمساعدته المالية ولكنه كان في غمرة مع الساهين ولم يدرك ما تعانيه هي وأبوه المسن إلا بعد أن صرحت له أخته باحتياجاتهم التي لا تستطيع أن توفيها وحدها

وعندما تزوج كانت سعيدة مبتهجة وتغاضت عن كل الاهانات التي واجهتها من أسرة العروس المتعجرفة ليس عن ضعف فطالما واجهت الشدائد بقوتها العجيبة فلم تكن تخشى أحدا وكانت دائما تشعر أن كفتها هي الراجحة ولكنها ماكانت لتفسد عليه سعادته

وفى سنواتها الأخيرة استضافها في بيته بدون تردد حممها وأطعمها بيده وقصر لها شعرها ودفع لها الكرسي ذو العجلات لتستمتع بشمس الشتاء في الخارج وخاصم من اجلها امرأته ونام على الأرض بجوار فراشها ليلبى طلباتها وكان لا ينام إلا سويعات قليلة يخاف أن يغط في النعاس فلا يسمعها إذا نادته

وعندما جلس بجوارها وهى ممددة في سيارة الإسعاف تنقلها إلى العناية المركزة أمسكت بيده وابتسمت وهى تنظر بعيون فارغة ، وقضت أسبوعان في وحدةالانعاش ثم تحسنت وأفاقت فظن أنها  ستعود إلى المنزل ونقلت إلى غرفة بالمستشفى وفى الصباح كانت نائمة والأنبوب الشفاف يحمل السائل الملحي إلى عروقها فاضت روحها

كان في فصل الشتاء ووقف ينظر إلى الناس والبيوت والسيارات وقد تشوهت وتاهت صورهم في تكثف بخار الماء المتصاعد مع أنفاسه الحارة على زجاج نافذة المستشفى البارد ثم تنحدر قطرات الماء إلى الأسفل

 

الأحد، مايو 17، 2009

كوكى شب عن الطوق

استيقظت على الصوت الغريب وقد اختلط في صخب الأولاد الكبار العائدين في إجازتهم الأسبوعية وقد تعودوا فور دخلوهم الهجوم على شقيقهم الصغير بمداعبات ثقيلة يصرخ لها بصوت رفيع حاد يستنجد بابيه وأمه من هذا الهزار السمج

هذه المرة لاحظت تغير صوت ولدي الصغير كأنه صوت دوزنة أوتار القانون ووجدته قد التحم معهم في مصارعةلايهاب قوتهم التي اكتسبوها من التدريب الشاق

دققت النظر إلى الزغب الأخضر فوق شفته العليا وانا احتضنه واخلصه منهم وقد غمر قلبي السرور

كأنه فتح بابا ودخل دنيا جديدة يراها كالأطياف في سقف الغرفة وهو سارح أمام كتابه وقد مال بظهره إلى الخلف ولوي عنقه ويراها واقفا أمام المرآة مندمجا بالمشط والفرشاة يحاول نفش شعره كشوك القنفذ

إذا دخل الحمام استعصى خروجه منه وإذا امسك التليفون فلا نهاية لكلامه وإذا جلس إلى الحاسب الالى فقول يا رحمن يا رحيم على الليلة ، مناقشاته مع أمه عالية محتدة يريد الاستقلال عن حمايتها الزائدة فهو يرى دنيا جديدة واعدة مختلفة وهو لازال طفلها الصغير ومن وجهة  نظرها رجله على رجلها

اختلف  ذوقه في الطعام فكره طبيخ البيت و اقتصر طعامه على بطاطس ودجاج الوجبات السريعة وأصبح يعرف عن فريق برشلونة كأنه اسباني ولد في كاتالونيا وحفظ ماركات السيارات والموتوسيكلات  وأسعارها ويكرر هذه المعلومات على مسامعى اذا اصطحبته فى  مشوار ويرتفع صوته متمسكا برأيه ان الفيرارى احسن عربية فى الدنيا وانه يتمنى ان يمتلك هارلى دافيدسون وجاكت جلد مرسوم عليها جمجمة وعظمتين

إذا ناديته بكوكى اسم الدلع قلب شفته السفلى وعقد ما بين حاجبيه وعبر عن اعتراضه متجاهلا إياي كأنه لم يسمع شيئا

واعمل حسابك انا خارج أخر يوم في الامتحانات مع أصحابى وحا سهر ومحدش يقعد يرن لى على الموبايل اللى أصلا باتكسف من منظره قدام أصحابى

أهلا بك يا صغيري في عالم الرجال فقد شببت عن الطوق

 

 

 

الثلاثاء، مايو 05، 2009

ZIZI SEXUAL L'EXPO


في جنيف – سويسرا – معرض للثقافة الجنسية للأطفال قبل سن البلوغ من 2 ابريل إلى 28 يونيو 2009 باستخدام شخصية كارتونية شهيرة اسمه تيتوف – Titeuf- لمواجهة الفضول الطبيعي والقلق عند الأطفال عندما يواجهون ما هو شائع الآن في المجتمع من صور وأفلام ومعلومات واشعاروكتب حول الجنس والحب ، والمتوقع أن يحضر المعرض حوالي  عشرين ألف طفل وطفلة

تبدأ أقسام المعرض بقسم تحت عنوان حالة حب – being in love – ويعرض الكلمات المتداولة بين العشاق البالغين وكذلك صور كارتونية والعاب عن لغة الأجساد مثل القبلات والأحضان وإمساك الايدى

القسم الثاني من المعرض بعنوان البلوغ – puberty- ويعرض صور كارتونية عن علامات البلوغ مثل نمو الشعر في أجزاء الجسد عند البلوغ وحب الشباب وفيه معروضات من خلف سواتر خاصة بالأطفال فقط دون الاباء الذين يمنعون من الدخول ليشعر الأطفال بالخصوصية

القسم الثالث تحت لافتة مطارحة الغرام – making love – يحتوى على صور كارتونية توضح الأعضاء التناسلية ومراحل اللقاء الحميمى والعبارات التي تستخدم خلال مطارحة الغرام أيضا يعرض الواقي الذكرى بألوان مختلفة على شكل لعبة يتنافس فيها الأطفال

القسم الرابع مخصص لشرح تكون الأجنة في الأرحام – making babies- ويعرض بالألعاب وصور الكارتون لمراحل تكون الجنين حتى الولادة

القسم الخامس والأخير حول الانتباه – keep an eye out- وفيه تحذيرات للأطفال ضد التحرش الجنسي داخل المنزل اى من أفراد العائلة أو من خارج العائلة

وكل المعروضات في كل الأقسام ليس بها صور أو أفلام  لأشخاص بشرية بل كلها باستخدام الكارتون أو الألعاب التي تحاكى الطبيعة

ومن الملاحظ في هذا المعرض عدم التطرق إلى الشذوذ الجنسي فالمعروضات كلها تتناول العلاقة بين فتى وفتاة

وقد شاهدت حوار حول المعرض في القناة الفرنسية رقم خمسة – TV5- حضره مفكر كهل يعارض المعرض معارضة شديدة وعلى الجانب الآخر من المؤيدين طبيب أطفال وشاعر كما انضم إلى الحوار طفلتان فرنسيتان حضرتا المعرض

والمذيعة الرقيقة شديدة الرقة فائقة الجمال على الطريقة الفرنسية ( خمرية وشعرها اسود الا جرسون )

المذيعة – سيدي أرجو أن توضح لنا سبب اعتراضك على هذا المعرض

الكهل – ليس له فائدة فهو من قبيل تفسير الذي لا يحتاج إلى تفسير

المذيعة – كيف

الكهل – الجنس هو ميل طبيعي والناس تمارسه منذ خلقوا بدون حاجة للإرشاد

منظمة المعرض – ولكن أطفالنا يتعرضون يوميا لصور مبتذلة على الهواتف المحمولة وعلى الانترنت فيجب أن يفهموا

الكهل – يفهموا بالمزيد من الصور المبتذلة؟

الطبيب – لقد كنت أخاف أن تكون المعروضات من صور لأشخاص طبيعيين ولكنى سعدت جدا أنها صور كارتونية ولقد لاحظت سعادة الأطفال بها واعتقد أنها خطوة إلى الأمام

الكهل – هذه رؤية يسارية ارفضها

المذيعة إلى الطفلة  1 – حبيبتي هل سعدتى بحضور المعرض؟

الطفلة رقم 1 – أكيد كنت سعيدة

المذيعة – هل تعلمت شيئا جديدا ؟

الطفلة 1- لا، كنت اعلم كل شيء قبل المعرض!! ( الطفلة في التاسعة أو العاشرة )

المذيعة إلى الطفلة 2- هل استمتعت بالمعرض ؟

الطفلة 2 – جدا ولقد تعلمت أشياء جديدة

المذيعة – ما رأيك في صور الأعضاء التناسلية للذكور والإناث؟

الطفلة2 – لا بأس بها والرائع أن ابواى ظلا في الخارج بينما كنا نشاهدها لانهما لا يستطيعان الدخول إلى هذه المنطقة من المعرض

الكهل – يا الهي لا استطيع أن أتحمل

المذيعة- ماذا بالضبط ؟ أرجو التوضيح

الكهل – مدام ، بالنسبة للأطفال تكفى القصص وقصائد الشعر الرومانسية عن الحب

الشاعر – سيدي، أنت خير من يعلم أن الشعراء الآن ينظمون قصائد شعرية غاية في الإباحية

منظمة المعرض – سيدي هل تشرح لنا ما هو أكثر شيء سبب لك امتعاضا في المعرض

الكهل – كل شيء خصوصا غرفة الروائح، هل من المناسب أن نجعل الأطفال تشم رائحة العرق وروائح أخرى تنبعث من الأجساد ؟

منظمة المعرض – ولكنها روائح أجسادنا تبثها في الهواء ويجب قبولها فهي طبيعية

الكهل – ليس كل شيء في الطبيعة جميل فالطبيعة مليئة بالقبح

المذيعة – اشكر السادة الضيوف واذكر بأن المعرض سيستمر حتى 28 يونيو

 http://www.zizisexuel.ch/entree.htm

 

 

 

الاثنين، أبريل 27، 2009

لا يدرى كيف يعظم درجة الاستبصار عنده بعد ما مضت احقاب منذ ان تنفس هواء هذا الكوكب فما زال يرتكب نفس الاخطاء فى وسط ضبابية شخصيات  الذين اصطدم بهم على المنحنى الزمانى والمكانى الذىيخطو عليه الى ان يصل الى اليقين  قدرا محتوما، ودائما يأتى التلقين من الاخرين الذين اخترقوا الحجب اما بالاعتراف او بالاستشفاف حينئذ يبتلع تلك الكرة فى بلعومه وينفجر ضاحكا حتى تسيل دموعه وعندما يمشى  بين الناس يظنون ان هى الا دموع البكاء 
مازال يحبو اذن فى حدس و اثم من الظن سعيا وراء المكنونات والتحفيزات والدوافع ويفشل فى كل مرة فى سبر الاغوار وعند كل محاولة فاشلة يلوم نفسه على جهله فى الحساب 
رفع يده وهش ذبابا ، قام واعتدل ونزل سلما ثم طرق بابا ، وراء الباب اسرار وعلب ديدان لايدرى متى تفتح ، ترفع اغطية العلب وتطل منها الديدان بطول الثعابين وعيونها مصابيح زينون والساحر يخرج الارانب من اكمامه و الضوء الصادر من عيون الثعابين فى ظهره فيبدو سيلويت من الظل 
مسح جبهته ودلف الى الداخل ثم جلس الى منضدة وحضرت الراقصة فتوضأت لبنا ودما ودارت على الارض الرخامية اللامعة تخلع ملابسها قطعة وراء قطعة ولكنها لاتتعرى ابدا وتقدمت منه ففقأت عيناه بكعب حذائها المعدنى البارد فاستلقى فى التابوت وهمس بكلمات ضعن وسط الصخب والصرير 
اقفلت الثعابين مصابيح الزينون فساد الصمت وانبعثت رائحة الجلد المحترق 

الخميس، أبريل 16، 2009

لست اذكر آخر مرة أجلست نفسي لاستمع إلى  خطاب سياسي  ، فعندي دائما قدر كبير من الشك والريبة في السياسيين ومن لف لفهم وفى نهاية المطاف فاني أدرج ما يقولون دائما في خانة الكذب أو الجنون أو الجهل

ويبدو أنى شفيت من هذا الداء عندما استمعت إلى باراك اوباما في خطابة أمام جامعة جورج تاون ، الرجل ساحر ذو كاريزما من الطراز الأول وهو يتكلم كأنه يلقى قصيدة من الشعر لا يتلعثم ولا يتردد بل تخرج الكلمات من فمه في سلاسة وسهولة وتنتفخ خدوده عند النطق ببعض الحروف مما يضفى عليه جاذبية إضافية وهو ينظر إلى أعلى  كأنه يستلهم كلماته من السماء

شرح أسباب الأزمة المالية واستفاض في الشرح كأنه أستاذ جامعي يحاضر والناس صامتة ثم القي باللوم على المصارف والشركات التي خلقت فقاعة من المكاسب والإرباح الوهمية والنتيجة انفجار الفقاعة وانهيار الاقتصاد

اوباما  لخص الحل في أهمية إصلاح وول ستريت والحصول على مصدر طاقة نظيفة وإصلاح التعليم وخفض تكاليف العلاج والهدف وضع أمريكا على القمة لتقود العالم من جديد والوعد بتحقيق الحلم الامريكى

الحلم الامريكى هو الحق في الحياة وفى الحرية وفى السعادة وهو ما بشر به الآباء المؤسسون للولايات المتحدة وقد ألهب هذا الحلم خيال الشباب في العالم كله وأصبحت الهجرة إلى أمريكا هدف الملايين

ولكن هؤلاء الشباب استيقظوا على الواقع المرير للرأسمالية في أقبح صورها التي أثمرت فقرا وحروبا  و خواء روحيا  مقابل السعار المادي فانطلقت ثورة شباب الهيبى في ستينات القرن العشرين ترفض هذا الحلم المادي وتبشر بالحب والسلام  

وعادت الرأسمالية من جديد تكشر عن أنيابها في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالي حتى أصبح الناس وقد كفروا بإمكانية تحقيق الحلم مع انهيار الأسواق المالية في أمريكا والذي جر معه أسواق أوروبا وباقي العالم

وهنا  لفت نظري أن الربط بين الخروج من الأزمة المالية و إصلاح التعليم وخفض نفقات العلاج  ما هو إلا رؤية مستقبلية لمفكر وفيلسوف أكثر منها رؤية سياسي  يعلم علم اليقين انه تارك منصبه لا محالة بعد ثمان سنوات على الأكثر ، فهل هي عودة للرومانسية في الحياة السياسية ؟

 

 

 

 

 

الأحد، أبريل 12، 2009

لا يوجد عندي ذرة من الشك في ذكاء المصريين وقدرتهم على التكيف مع الظروف المتغيرة للاستمرار في البقاء على قيد الحياة

 وفى اغلب الأحوال هم لا يحتاجون إلى الكثير من العنف لمواجهة ما قد يتعرضون له من ظلم أو تعسف ، فبعد تجارب مريرة مع الحكومات والحكام على مر التاريخ  قرر المصريون  الحصول على الحرية ورسموا خطا على الأرض يفصل بينهم وبين الدولة الرسمية و ابتكروا أسلوب للحياة يعتمد على السلبية المطلقة وهم يعبرون ببلاغة واضحة عن امتعاضهم من الحكومة بتجاهل وجودها والتعامل معها في حالة الضرورة  فقط عندما تستخدم الحكومة معهم يدها الغليظة لتلفت انتباههم لوجودها ،

وهم يرفضون الممارسات السياسية بعدم الانخراط فيها فيحجمون عن الانضمام للأحزاب ويقاطعون الانتخابات ولا يشاركون إلا بمقابل مادي فوري واستعاضوا عن التحزب السياسي بالطائفية الدينية والكروية

وهم يتفننوا في كسر القوانين والاستهزاء بها و الالتفاف حولها وإذا طلبت منهم الحكومة تحديد النسل أنجبوا أكثر وإذا طلبت منهم الامتناع عن تدخين الحشيش والسجائر أفرطوا في تناولها وأمام الفقر الذي يقف حائلا بينهم وبين الحصول على سكن أقاموا العشوائيات  وعندما فشلوا في الاستقرار في مؤسسة الزواج التقليدي لجأوا إلى الزواج العرفي أو التحرش الجنسي والاغتصاب

وقد تجلى تجاهل المصريين للحكومة في انصرافهم بكل طوائفهم عن التعليم الرسمي فالأغنياء لهم مدارسهم الأجنبية باهظة المصاريف والطبقة المتوسطة أولادهم في مراكز الدروس الخصوصية والفقراء أولادهم يعملون في الحقول وفى الورش

ويبدو أن الحكومة سعيدة جدا بالطلاق بينها وبين الشعب فهي تنظر لهم بعين الترفع والتعالي وتتهمهم في كل حين بعدم النضج والجهل بمصالحهم فهي تبيع المصانع والشركات المملوكة لهم بدون استئذان منهم وهى تفرط في المخزون الاستراتيجي للغاز الطبيعي المملوك للشعب بابخس الأسعار للعدو اللدود إسرائيل

وهى تترك شعبها نهبا للأمراض المزمنة وفريسة لتجار الأغذية المسرطنة وتغمض عينها عن رجال الأعمال الفاسدين المفسدين

فكيف يتم الصلح بين الشعب وحكومته؟

 " إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما "

 

الجمعة، مارس 27، 2009

امش بمرضك ما مشى بك ، خلايا جسمك ذكية متعاونة تموت وتحيا تنمو وتذبل ثم تتجدد ،تدور فى افلاك منتظمة ودقيقة كالاجرام والنجوم فى افلاكها ، تحاكى الكون فى اتساعة وجلاله الذى استمده من خالقه الكبير المتعال

الالم انسانى ، الالم لغة الجسد يحكى ويبكى ، فقط انتبه من فضلك فنحن نحملك فتحملنا قليلا لا تهرع الى الطبيب انتظر قليلا فسوف نتعافى بالشيفرات المطبوعة على الامشاج ، لا تتعجل ان الالم يطهر الروح فجمل روحك بالالم لا تتعجل

 

الخميس، مارس 12، 2009

انتمى أكثر إلى الإنسانية حين تعتمل مشاعري بالألم أو الاندهاش أو حتى القرف في مواجهة قضايا ومشاكل الإنسان المعاصر التي عملتها يداه أو فرضت عليه بينما  تهدد حياته ووجوده على الأرض ،تطفو كل حين في الصحف وعلى الشاشات  ثم تتراجع أمام الإخبار الساخنة لتعود مرة أخرى لساحات النقاش والحوار

أخيرا اكتشفت أن ما اعرفه عن تفاصيل وأبعاد هذه القضايا قليل جدا بل اقل من القليل ولا يتعدى بعض الشعارات و عناوين المقالات الصحفية  التي لا اعتنى بقراءتها غرورا منى وظنا بأني قد أحطت بالموضوع علما وانأ اجهل الجاهلين

 وعندما يثار النقاش حول قضية ما أجد أن معظم الحاضرين مثلى تماما لا يعلمون إلا ظاهرا من القول وكل ما يقال عبارة عن معلومات مشوشة وتصورات مغلوطة وفتاوى بدون حجج وأسانيد

وذات ليلة طار من عيني النوم  ، فأنا من الذين تقع أعينهم آخر ما تقع قبل أن أروح في النوم على شاشة التلفزيون وكانت هناك ندوة عن انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وقد انقسمت المنصة إلى فريقين من العلماء والخبراء ، فريق يؤيد خفض انبعاث الكربون والآخر يرفض إنفاق المال في هذا المجال  ، وكنت احسب أن نتيجة المناقشة محسومة سلفا وانه لن يجرؤ شخص ما على معارضة تقليل انبعاث الكربون ولكنى كنت مخطئا بسبب الجهل وعدم الغوص في تفاصيل المشاكل الهامة التي تواجهني على اعتبار أنى فرد من الناس الذين يواجهون الأخطار نفسها التي أحدقت بنا وقد تستأصلنا من الدنيا

قبل فتح الباب للمناظرة كانت نسبة المؤيدين لإنفاق المال لخفض انبعاث الكربون من جمهور المناظرة حوالي 49 في المائة والمعارضين حوالي 16 في المائة والنسبة الباقية لم تحسم أمرها وهم 35 في المائة من الجمهور

وبدا المؤيدين لإنفاق المال  لخفض الكربون يسوقون الحجج التي تبين خطورة انبعاث الكربون على كوكب الأرض فتزيد درجة الحرارة على الكوكب بمقدار درجة أو درجتين فيذوب الجليد في أقطاب الأرض ويرتفع منسوب الماء في المحيطات فتغرق بلاد بأكملها ويدخل الكوكب في سلسلة من الكوارث وتغير المناخ وكنت استمع إلى تلك الحجج ولا أجد غرابة في مايقال فهذا ما تعودت على سماعة ولكن الذي أطار من عيني النوم كان الحجج التي ساقها المعارضون لإنفاق المال في محاولات خفض انبعاث الكربون ، قالوا أن الإنسان الآن يستطيع البقاء على قيد الحياة في مناخ تتغير فيه درجات الحرارة من ناقص خمسون تحت الصفر في سيبريا وجرين لاند إلى خمسون فوق الصفر في الجزيرة العربية والصحراء الكبرى فدعوى أن انبعاث الكربون سيزيد درجة حرارة الكوكب درجة أو اثنين فتزول الحياة من الأرض تبدو كأنها مزحة كوميدية

وقالوا أن خفض انبعاث الكربون بعد مائة عام من الآن  سيتكلف أموال طائلة والعائد تافه وغير مضمون وهناك من الناس في هذا العالم اليوم يعيشون في ظروف الفقر والمرض ومن العدل إنفاق تلك الأموال لصالحهم الآن

وقالوا أن استثمار قليل من الأموال في الأبحاث والتجارب لإيجاد تكنولوجيا رخيصة لاستخدام الطاقة النظيفة أفضل من إنفاق أموال طائلة لتقليل الكربون بدون عائد اقتصادي حقيقي

وقالوا كلاما كثيرا أخر وشعرت بالتضاؤل والجهل والتقصير في التعرف على تفاصيل القضايا التي تمس حياتي ومستقبل اولادى

وكانت نتيجة المناظرة أن انخفضت نسبة المؤيدين لإنفاق المال لخفض انبعاث الكربون إلى 48 في المائة

وانخفضت نسبة الذين لم يحسموا أمرهم إلى 10 في المائة

والعجيب أن نسبة الذين عارضوا إنفاق المال لخفض انبعاث الكربون ارتفعت إلى 42 في المائة بعد أن كانت 16 في المائة فقط

 

رابط المناظرة:

 

 http://www.intelligencesquaredus.org/TranscriptContainer/CarbonEmissions011309.pdf

 

 

الأحد، مارس 01، 2009

الاختلاف في الحقيقة ليس خلافا بقدر ما هو رؤية لنفس الشيء من زوايا مختلفة ، أرى الدين عقيدة تستقر في القلب فيطمئن إليها والعقيدة تدفع المؤمن إلى عمل الخير اى أن الفكرة تسبق المادة ، ويرى غيري أن الدين عمل ونظر في الأشياء من حوله ومن ثم الإيمان بقانون واحد ينظم وجود هذه الأشياء وان هناك رب قد خلق الكون فيستقر الإيمان بالربوبية في القلب اى أن المادة هنا تسبق الفكر ، ويحتاج ثالث إلى معجزة تغير المألوف تصدمه وتوقف عقله وتقيد حواسه كلها فلا يستطيع الهرب إلا إلى الإيمان بأن صانع هذه المعجزة رب قادر عظيم وهنا التغير المفاجئ يسبق الفكر ويتخطى قانون الأشياء

الفقه الشيعي يدور حول من يخلف الرسول في هداية الناس، فالرسول لاينطق عن الهوى فمن ذا الذي يفتى الناس إلا إمام معصوم ؟ والفقه السني كذلك يضع شروطا دقيقة لمن يجتهد في أمور الدين فالمذهبان الكبيران في الحقيقة لا خلاف جوهري بينهما في الهدف المرتجى

النقد الادبى للأعمال الروائية أو المسرحية له مذاهب كذلك تختلف في تناول نفس العمل الادبى  ، منها من يحلل العمل ناظرا إلى مضمونه ومنها من يحلل العمل من ناحية البناء اللغوي ومنها من يبحث عن الحالة النفسية للأديب عندما أبدع الرواية أو المسرحية أو قصيدة الشعر فكل مذهب ينظر إلى نفس العمل من زاوية مختلفة

ويمكن كذلك  فهم  أن مذاهب السياسة والاقتصاد وغيرها من مجالات نشاط الإنسان إنما تدور حول شيء واحد مثل عجلة الساقية التي تحمل على إطارها عشرات الدلاء التي تعلو وتهبط لتغترف من ماء واحد

الأربعاء، فبراير 18، 2009

ماتت الفتاة الايطالية الوانا انجلارو بعد 17 عاما من الموت السريرى بعد حادث سيارة عام 1992 ، واثارت حالتها موجة من الجدل فى ايطاليا حول الموت الرحيم وهل يجوز فصل الاجهزة التى تبقيها فى حالة بين الموت والحياة عنها لانعدام الامل فى شفائها ام ان فصل الاجهزة ما هو الا قتل متعمد لها ، والقصة تفتح ملفات لقضايا كثيرة لم تحسم بعد ، ما هو الموت ؟ هل هناك اتفاق على تعريف علمى للموت ؟ هل هو موت جذع المخ ؟ ام هو توقف القلب عن ضخ الدم ؟
يستطيع الاطباء الابقاء على الناس فى حالة بين الموت والحياة باستخدام اجهزة التنفس الصناعى وضخ الدم وتشغيل اعضاء الجسم لسنوات ، يا الهى  هل اطيق ان ارى قريب لى معلق لاهو ميت ولا هو حى؟
ماهى الفلسفة وراء هذا النوع من التحنيط ؟ هل هى المباهاة بالتقدم العلمى ؟ هلى هى محاولة للتغلب على الموت والالتفاف حوله وخداعه ؟ هل الهدف هو خلق سوق لتجارة الاعضاء الانسانية وخلق فرص حياة جديدة للاغنياء ولمن يستطيع دفع ثمن كبد جديد ساخن على الزيرو او هى حلقة فى سلسلة استنساخ البشر ؟
وكما انى لا ادرك ما هو التعريف الحقيقى للموت فاقف كذلك حيرانا فى تعريف الحياة ، هلى هى المظاهر التى تبدو على الجسد الحى من تنفس وحركة واخراج ونمو ام هى العقل والشخصية الخاصة جدا لكل كائن ؟
هل من حقنا ان ننزع القداسة عن الجسد بعد ان خرجت منه الروح ونجعله دمية  بلا شعور ولا عقل على سرير فى مستشفى ؟
اتذكر الان الفيلم الامريكى القديم  عن الفنان النحات الذى شل جسده بعد حادث سيارة وقد رغب فى انهاء حياته لانه لا يتصور الحياة بدون استجابة جسده لسطوة عقله هو ، فمن يتحكم فى جسده بضعة من الممرضات يقعدونه ليأكل ويسندونه ليفرغ امعائه ويحملونه للغسيل الكلوى وهو بدون حول ولا قوة بينما عقله قد قد من نار مستعرة يريد الحياة التى عرفها قبل الحادث 
وتناول الفيلم رؤيتان الاولى للطبيب الذى يحافظ على الحياة من وجهة نظرة ولو كانت نصف حياة وعلى الجانب الاخر اصدقاء الفنان الذين يشعرون بمأساته وازمته الحقيقية فى رفضة لمثل هذه الحياة 
لجأ الفنان للقضاء ليحكم فى هذه القضية فاحتار القاضى فى البداية ثم قرر الاخذ بمبدأ ان حرية الانسان هى حق لا يمكن ان يسلب منه تحت اى ظروف  وقرر اعطاء الفنان القعيد حرية اتخاذ قرار الاستمرار فى الحياة او الموت ، وترك المخرج نهاية الفيلم مفتوحة