الخميس، أبريل 08، 2010

الجسد



مارتينابطلة التنس المعتزلة بعد 18 بطولة جراند سلام  اصيبت بسرطان الثدى وقالت وهى تبكى : كنت اظن انى اتحكم تماما فى جسدى ولكن وجدت الامر خارج عن ارادتى تماما
الجسد ذلك البناء الرائع والمتطلبات الملحة لايتركنا فى حالنا لحظة واحدة فهو يطلب الانتباه لوجوده على الدوام فاياك ان تحاول نسيان حقيقة انك تحمل بضعة عشرات الكيلوجرامات من اللحم والعظم والدماء تروح وتغدو وهم معلقين فى نفسك زاعقين صارخين بما يشغل النفس عن الروح ومكبلين اياك بتلك الاثقال الى الارض فاذا فرغت من  سد الجوع بحشر بضع اوزان اضافية كلما عن لمعدتك ان تذكرك بوجودها فانك سوف تواجه برغبة قدميك فى المشى والانتقال جارا ورائك تلك الاثقال الى مكان اخر وقد تريد نفسك ان ترتاح قليلا فتجد جسدك وقد انتابته رغبه مشتعلة فى الاتصال بجسد اخر فالاجساد لا يمكنها ان تنفرد بالحياة بل لها شهية مفتوحة دائما للاجساد الاخرى وهى تستغل كافة امكاناتها المتاحة من ابصار وسمع  وقد تلجأ الى الشم واللمس لبث الرغبة فى نفسك بطريقة يصعب معها حتى على الناسك ان يتجاهلها
ثم يحلو لجسدك ان يجبرك على افراغ تلك البالونه المليئة بالبول فى احلك لحظات احتياج نفسك الى التسامى والبعد عن الواقع فتتشتت الافكار وتتغير الكيمياء فى مخك لتدفعك دفعا نحو دورة المياه ثم تدخل فى اطوار النظافة والاستحمام وحلاقة الشعر وتقليم الاظافر ثم تضيف اثقالا اضافية على جسدك من الملابس لتتقى البرد وقد يصيب جسدك الالم وترتفع حرارته فلا تجد مفرا من اللجوء الى الفراش عاجزا عن الحركة وفى نفس الوقت عاجزا عن التفكير والاستمتاع ببعض الموسيقى مثلا فاذا اشتكى عضو لابد ان يجأر باقى الجسد بالسهر والحمى فلا تظنها فرصة لتلجيم الجسد فى الفراش والهروب بنفسك الى زيارة قصيرة الى روحك فى مكانها الغامض 
اما اللغز الاكبر فى سلوك هذا الجسد التعس انه يغط فى النوم كأمر مسلم به فأنت تذهب الى النوم وتتخلى عن كل دفاعاتك وحواسك بل وروحك التى تفارق  الجسد وتنطلق  لتلعب فى عوالم العقل الباطن الخارقة للنواميس فتذهب بنفسك الى ماض بعيد او الى مستقبل على وشك الحدوث ثم تترك لك ذكريات مشوهة عن تلك التهويمات فتتمنى عند الاستيقاظ لو تعود الى هذا العالم  الباطنى مرة اخرى لتكمل الاحلام غير التامة
و جسدك محكوم عليه بالموت منذ اول دقيقة له فى هذه الحياة الدنيا فخلايا الجسد قد طبع عليها اوامر تم تخزينها فى الاحماض الامينية بان تبدأ فى التدمير الذاتى عند لحظة معينة يبدأ فيها الجسد بالتهدم على نفسه بدون ان يكون لك اى خيار فى هذا  فتقف تراقب شرايين الدماء تتصلب والعضلات تترهل والقلب يصيبه الوهن ويشتعل الرأس شيبا وانت بلا حول ولا قوة ومهما تناولت من عقاقير او خضعت لعمليات استبدال اجزاء من هذا الجسد العاصى فهو يسير طبقا للخطة الموضوعة مسبقا نحو حتفه بدون اى  رحمة بنفسك الملتاعة التى تحاول التمسك بالحياة مشفقة من المصير المجهول
ويقال انه بعد البعث تزوج انفسنا باجساد جديدة لا تموت لها صنفان فالتى خضعت لطلبات الجسد فى الحياة الاولى ولم تقاوم رغباته  سوف تحل فى اجساد   تقوم بتغيير الجلد والاعضاء كلما احترقت فى نار جهنم  ليستمر العذاب  والالم بدون توقف والنفوس التى ارتقت فوق طلبات الجسد سوف تحل فى اجساد لها قدرة فائقة على الاحساس الابدى بالنعيم المقيم   

ليست هناك تعليقات: