الأحد، يونيو 07، 2009

روتين

الاصوات من حوله تقرع اذنيه ، تلفاز ونقل المقاعد حول المنضدة ابواب تقفل وتفتح يود لو استطاع سماع حفيف اوراق الشجرة الذى يرسل السلام الى هبات النسيم الضعيف، يطل على شجرة من النافذة ، الفروع والاوراق الخضراء تمنعه من الرؤية الى مسافة ابعد

اضواء تتسلل من خلال الفروع والاوراق ، يكره ضوء النيون ، لاحظ ان الجيران يستبدلون مصابيح الصوديوم الصفراء بالمصابيح الانبوبية التى تبعث ضوء الفلورسنت ، يفضل اباجورة على يساره بالرغم من الصهد الصادر عنها والحشرات التى تحوم حولها

النمل يحب المطبخ ، يبذلون جهدا فى نظافة الارضية والحوائط ومسح االاسطح الرخامية بعناية من ذرات السكر ولكنه لا يمل من السير على الارض فى طوابير تتقابل فتسر اول نملة فى الطابور القادم من اليمين شيئا الى اول نملة فى مقدمة الطابور الاخر ثم يتفرق الطابوران كل الى هدف ما ، واضح ان النمل الصغير اكثر جدية وتنظيما من النمل الكبير ذو البطون الكبيرة والاجنحة فهو اكثر كسلا و لا يفضل الطوابير ، النمل ايضا طبقات العبيد يسلكون فى نظام والسادة كما يحلو لهم

القطة السوداء تنتظره كل صباح تمسح نفسها فى رجليه وهى ترفع ذيلها الى اعلى ولا تموء تجرى امامه على خط زجزاج وعندما يصل الى السيارة تتوقف وتنظر اليه طويلا ثم تغمض عينيها كأنها ترسل اليه رسالة ما ، يغمض عينيه لها فى محاولة منه للتحدث بنفس اللغة وهو قلق ان يسخر منه الحارس ، كان دائما عندهم قطة ،القطة فى الشقة ذات شخصية مستقلة تأخذ قراراتها بدون مراجعة ولا استئذان وعندما تشبع تجلس على حجره تقرأ وتسبح ربها يمسح على رأسها وتحت ذقنها فترفع له عينيها وتغمضهما فيفعل مثلها فترهف السمع باذنيها المشرعتان فعرف انها لغة العيون

الحارس سهر طول الليل يشرب الدخان المخلوط بالعسل وعندما يسفر الصباح يبدأ متثاقلا فى دفع السيارات المتراكمة ليستطيع من عاد مبكرا فى الليلة السابقة الخروج بسيارته الى الشارع الرئيسى ، الحارس يدفع السيارات بقوة حتى تصطدم ببعضها فتنبعج لوحات الارقام ويعود الى دفعها الى الخلف مرة اخرى ، كشك الحارس خشبى حالك اللون ومن حوله تناثرت اطارات قديمة وعلب زيت فارغة واوانى بلاستيكية يعلوها شحم اسود وقصعة حديدية بها فحم ورماد واغطية سيارات ممزقة

حراس السيارات القرويين النازحين من الصعيد والدلتا فضلوا الحياة السهلة فى المدينة والبقشيش الذى يتيح لهم لف الاوشحة على رؤسهم وتدخين المعسل بينما تعمل نسائهم فى تنظيف شقق السيدات البدينات اللائى يبذلون الجهد فى تنعيم كعوبهن وطلاء اظفارهن

ينظر امامه متشاغلا بالنظر فى مرآة السيارة وهو يدعو فى سره ان ينجو من حديث جاره الممل ، جاره متقاعد تعدى الستين وقد نصب نفسه مسئولا عن مرآب السيارات وهو لا يتوقف عن الشكوى من كل شيء ولكن صاحبنا لا تشغله تلك الامور فيبتسم له ويغمغم بكلمات مبتورة ويسرع فى الابتعاد عنه

على مدخل البناية التى يعمل فيها يقف العامل يكنس الارض فى اتجاه الموظفين يكتم انفاسه ويهش الغبار بالجريدة ويتكلم فى همس مع نفسه : كل يوم يا فوزى؟ كل يوم ؟

يتحرك المصعد الى اعلى وقد انحشر داخله فيكتم انفاسه حتى لا تصل روائح النساء الزاعقة الى انفه ، يصل الى الطابق الذى يقع فيه مكتبه يجاهد حتى يخلص نفسه من اجساد راكبى المصعد وهو يتمنى ان يسلم حذائه من النعال، ينظرون اليه فينظر الى الارض ويمشى ليجلس خلف مكتبه يدور على مقعده ليواجه النافذة الشرقية التى تطل على الكوبرى والكنيسة والمقطم فى الافق ، تدق اجراس الكنيسة يوم الاحد اول الاسبوع ثم تنبعث الاغانى من الكافيتريا الملحقة بها ويصيح الميكروفون رقم ثمانية رقم ثمانية همبرجر وبيض وطلب الكفته كمان نص ساعة

فى اخر الغرفة تنبعث تلاوة قرآنية ، يتململ صاحبنا فهو يريد ان يلقى نظرة سريعة على الجريدة ولكنه يتردد فهو يعتقد ان التشاغل عن التلاوة فيه معصية

"وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "

يغرق فى مراجعة كميات الاعمال المنفذة يعدل بعضها ويكتب ملاحظات ثم يوقع فى اخر الورقة يلقى بها الى السكرتيرة لتدور من مكتب الى اخر

طعام الافطار عند الظهر الجبن الرومى والعيش الفينو احيانا يقترح الساعى طعمية محشية شطة من عند البغل يرحب بالاقتراح بشرط ان يكون الخبز مغلف فهو ذو بطن لا تتحمل وهو لا يتصور فكرة دخول الكابينيه فى اى مكان خلاف منزله

يمضى يوم العمل بسرعة بعد صلاة الظهر ويتمنى ان يذهب الى السينما وسط البلد ولكنه يعدل عن الفكرة ليتجنب عذاب البحث عن مكان للسيارة وقلقه الدائم من عدم اللحاق بالفيلم من بدايته وكراهيته الشديدة لحامل المصباح الذى يصر على مرافقته الى مقعده حتى والنور مضاء قبل اظلام قاعة السينما وهو يريد ان يدفع له المبلغ المناسب بدون زيادة تجعلة مثل الاحمق الساذج ولا نقص يدفع حامل المصباح الى النظر اليه فى حنق

يصل الى مرآب السيارات عند منزله وهو يشعر بالارهاق يتجاهل حارس النهار الذى ينبهه كل مرة الى ترك فرامل اليد ووضع الفتيس فى النيوترال

ينظر الى اسمه على باب على باب الشقة يدير المفتاح ويدخل

هناك 8 تعليقات:

!!! عارفة ... مش عارف ليه يقول...

كلنا هذا الرجل

الست فرويد يقول...

ملل وروتين يومى
كلنا نحياه رغم اعتراضنا عليه

اجادت التعبير عنه جدا :)

تحياتى لك

سمراء يقول...

تعجبني احدي جمل اغنية لسيد مكاوي تقول

حلوها وافرحوا بها

عندما اسمعها أكتشف ان المسؤولية تقع علينا في تغيير ايقاع الحياة واحساسنا به


سمراء

غير معرف يقول...

أظن أننا سبب للروتين .. واعتقد ان معظمنا يستطيع التغيير فى طعم حياته .. والاساس هو تغيير الناس

فما يشعرك بالروتين هو كل هذه الشخصيات التى تعيد على مرآك نفس السيناريو والاحداث ..

اما الانضمام لدوائر أخرى .. فانه بالتأكيد يضيف طعما جديدا موازيا للخط الروتينى .. باناس آخرين باهتمامات جديدة متنوعة .. ودنيا ذات تفاصيل مختلفة

اظن ان هذا قد يساعد ..

سلوى يقول...

وصف ليوم يمر بطريقه مميزه
وروتينيه أيضا

والكل له في حياته ذلك الجانب الروتيني

Unknown يقول...

صحبتنا فى يومك
والذى هو مثل يومنا
ولكنى (احسدك)على نافذتك
الشرقية فى عملك والتى تطل
على المقطم والكنيسة والكوبرى
ذلك ان نافذتى تطل على(جدارأصم فقط)

Unknown يقول...

عن نفسى احب الروتين جدا واخاف من التغيير فدائما او قل غالبا لا يكون سعيدا هذا التغير!

زينـه يقول...

ويدخل ...

وسيكرر غدا السير على خارطة حياته..

الروتين قاتل