الخميس، يناير 17، 2008

الحب الأول


السبت صباحا ،تباطأ الى ظل الشجرة وهو يشعر بالم فى عضلات الساقين وقد بلل العرق قميصه فالتصق بظهره وكتفيه ، القى المضارب والحقيبة التى يحتفظ فيها بالمناشف وعلب الكرات الصفراء على المنضدة البلاستيكية ، نظر بعيدا الى الاعشاب الخضراء التى تغطى ارض ملاعب كرة القدم فى النادى الكائن فى ضاحية المدينة متابعا الغربان ذات الريش الرمادى والرؤس السوداء وهى تطارد القطط الصغيرة وتنازعها طعاما قد توارى بين الحشائش
مد ساقيه على احد مقاعد الحديقة واخرج هاتفه وضغط على الرقم ، اسرع قلبه يضخ الدماء الى اذنيه وشعر بجفاف فى فمه
حضر طيفها ماثلا امام عينيه ، الشعر الاصفر الموشى بالبنى المفرود حتى كتفيها ، العيون الواسعة ، الضحكة العالية الرنانة وهى تضع كفها على فمها تحاول ان تخفض من صوتها
كأن الزمن قد تجمد ولم تمضى السنوات الخمس والعشرين منذ كانا يجلسان متجاوران فى المدرج الخشبى او يسيران الى موقف الحافلات فى الميدان ليقفا تحت المظلة بين الناس، يبتسم لكلامها ويطرب لضحكاتها الصافية ولا يصرح لها بشيء فهو على يقين انها تعلم
ترفع سماعة الهاتف فى بيتها وهو يعرف انها رأت رقم الجوال و قد ارتسم على شاشة الهاتف الصغيرة ، اهلا اهلا كيف المدام والاولاد؟ كيف احوال عملك؟
يسمع صوته يرد : الحمد لله وكيف الاولاد ؟
تحدد الحوار بينهما فى اطار المجاملات والاسئلة المقولبة عن الاولاد واحوال العمل والطقس ، يتذكر زوجها الراحل وصبرها فى تربية اولادها ولا يستطيع ان يطلب رؤيتها
طولت عليك فى الكلام
وعندما يحين وقت انهاء المكالمة يشعر بغصة فى رقبته وغضب وحيرة ، لماذا هو خائف لماذا ؟
يفكر فى اولاده وزوجته يكرر عمليات الحساب فى عقله يرتعد من فكره ان يفقد رقم هاتفها لا يجرؤ على المرور امام منزلها
لماذا لا تحضر ابدا للنادى؟ يستطيعان شرب القهوة ويجلسا تحت الشجرة معا ، فقط يريد ان يرى وجهها ، ماذا فعل الزمن بها ؟ هل تجعد جلد وجهها ؟ هل لا تزال تضع كفها على فمها عندما تطلق ضحكتها العالية؟
هل تضحك على صلعته او نظارته هل تلاحظ كرشه الصغير يبرز من قميصه المبتل ؟
هل تتجنب لقائه لانها مخلصة لذكرى زوجها ؟ هل لو طلب رؤيتها تخشى ان يراهما احد من اولادها او اقاربها؟
تدور الافكار تلدغه فى عقله ويضع الهاتف على المنضده ويثنى ساقيه ويشعر بالم ركبتيه
ينظر الى الغربان فوق الشجرة وقد اختفت القطط ، يشعر بحاجته لفنجان من القهوه

هناك 16 تعليقًا:

بنت القمر يقول...

راجي الفاضل
هو تقريبا في السن الملعون ده بيكون الراجل حقق نفسه وظيفيا وخلص من المرحله الحرجه بتاعه تربيه العيال وجاب شقه كويسه وعربيه حديثه وممكن جهز البنت وجاب شقه الولد وعايش حياه هاديه مستقرة مع واحده بيكون الاعتياد عمل عمايله بينه وبينها والزمن هدها من رحله الكفاح معاه
قوم ايه بقا
قوم دور يا ادم علي اكشن في حياتك علي جديد علي اثارة
علي مغامرة
وغالبا ما تكون غير محموده العواقب خالص ويدور علي قطه صغننه
بس البطل هنا طيب والله ورومانسي
ودور علي زميله الدراسه طبعا تلاقيها كرمشت وتحنت واتحجبت بق الست ارمله مش ها تفرد الشعر لاصفر وضحكتها اتكتمت من الكسرة علي الايتام هي مجرد بقايا حلم
ذكري جميله لن يجدها في الحاضر ابدا يسيبها احسن تكمل رسالتها وخليه مع الغربان والقطط
واشمعني هي لازم تخاف علي ذكري زوجها الراحل وهو مش خايف علي كرامه الزوجه الحيه
بس طبعا انا حللت الموضوع اجتماعيا وشلفطته خالص
ونصيحتي لي انه بعقل ويقنع
عشان اللعب بالنار اخرة مرار
قصه حلوة تحكي تجربه رجوليه بتحصل كل يوم المراهقه التانيه
كفي الله الجميع شرها ولو اني مش بميل للنهايات المفتوحه
تحياتي

عين فى الجنة يقول...

بنت القمر
:))
المقصود اعلاه ابتسامه غامضة وبريئة فى نفس الوقت
طول عمركن تعتقدن واحيانا بصدق انكن تفهمن الرجال كالكتاب المفتوح
:))
نفس الابتسامة
تحية ود وتقدير للانثى الخالدة

Moustafa` يقول...

السلام عليكم
جميل ان اتعرف بعلقيه مثلك
القصه بارعه بحق
تجيد وصف البيئه من حولك وتداخل الكلمات يضفى رونقا خاصا
اما عن فكره النص
فهى فريده
احلى حاجه انك بلا اى زيادات انرت الطريق للقارئ بلا غموض
البدايه جامده فعلا فى النادى ثم طوفت بنا عبر اسلاك الهاتف
هى لا تزال تعرف نمره الموبايل
وهو لايزال يحتار فى أمرها
سن قاسى وحب قديم ..جسم رياضى وصلعه وراثيه
ذكريات جامعه وضحكه صافيه
حاجات كتير بدل على نضج النص الأدبى ده
تحياتى لقلمك المتمكن
سلام

سلوى يقول...

يمضى كل شئ
وتبقى الذكرى بتفاصيلها
تمر كالطيف لثواني
قد نبتسم لها .. أو تدمع الأعين
وقد نسخر منها
ولكنهافي النهايه تمضى
ونعود لواقعنا
نعود كما كنا

بوست جميل جدا جدا

تحيااااااااااتي

loumi يقول...

العزيز راجي
سأحاول أن أتقمص دور البطله في قصتك وأقول لك كيف كانت تفكر
فحين شاهدت الرقم على الشاشه رقص قلبها فرحاً وتسابقت تلك الذكريات الجميله بينهما
إلى مخيلتها وبسرعه عادت للواقع لترد بشكل مقتضب على المكالمه
فأنت تعلم أن النساء يفكرن بطريقه مختلفه عن الرجال
وإن ظن كل طرف أنه يعرف كيف يفكر الأخر
فالحقيقه أن كل إنسان يعرف كيف يفكر هو نفسه
ربما وتحتها خطين ووش بيضحك
تكتفي أنت بشرب فنجان قهوة معها والتحدث إليها ولكن هذا لن يكفيها ولأنها تعلم ظروفك ووضعك جيداً فهى تؤثر البعد

قد أكون جانبت الصواب وقد أكون أخطأت

تحياتي لك

مروة الزارع يقول...

اكتشفت فيك حاجة جديدة

انت عشت القصة جدا

بجد جميلة اوى ورائعة

اجمل وردة عشان

تحياتى

:)

دكتورة سنان يقول...

انا كنت هقول نفس كلام بنت القمر
هيا مشاعر حلوه بس مراهقه متأخره
ولا رايك ايه
وبعدين هو زمان ضيعها ومتجوزهاش ومصارحهاش بحبه
عاوز يرجع اللى كان بعد ايه

Hypatia يقول...

يالهوى
هو الواحد بيفضل فاكر الحب الاول بعد 25 سنه

:(

عين فى الجنة يقول...

sagittarus
اشكرك يا اخى على مدح لا استحقه انت اجدر به
مدونتك معبقة بالايمان والصفاء
ادعو الله لك بالتوفيق

عين فى الجنة يقول...

salwa
الواقع مرآه للذكريات وصدى لها،والعاشق المتيم ظمئان لذكرى غرام كتمه فى قلبه لا يبوح بسره لكائن حتى لمعشوقته

عين فى الجنة يقول...

العزيزة لمى
والله وجهة نظر تدعو الى التأمل
اشكرك

عين فى الجنة يقول...

مروة
شكرا على الوردة وياريت تكون بلدى

عين فى الجنة يقول...

نوسة العزيزة
المصارحة فى الحب تفسده وتبطل مفعوله، ويبدو ان الارادة ليس لها دور فى مشاعر قد تم دفنها فى الاعماق ولكنها تطل براسها لنا فى لحظة ما فتشيع الحيرة وتعيد الالم

عين فى الجنة يقول...

نسرين
شكوكو ( ياترى تعرفيه؟ ) قال كلمته الشهيرة موش عارف فى فيلم اسمه ايه
الحب اقوى من عضة الكلب
موش كده ولا ايه؟

أبوشنب يقول...

بجد قصة رائعة

حسيت بيها

احلى حبة فاكهة على الشجرة

هيه اللي ما بتطولهاش ايدينا

عين فى الجنة يقول...

عزيزى باشمهندس ابو شنب
دى شهادة اعتز بها جدا من كاتب قدير زى حضرتك
فينك يا عم من زمان موش باين؟