عندما عزم على كتابة تجربته فى اعداد الطعام انتابه قلق استغربته نفسه فهناك احتمال ان يخطر ببال البعض ان الكلمات التى سوف يسطرها ما هى الا صدى للاحوال العامة للوطن بسبب ابتذال تشبيه العمل فى مجال السياسة بالطبخ وما درج البعض على استخدام تعبير المطبخ السياسى كناية عن ما يحاك فى الكواليس السياسية ولكنه سرعان ما صرف تلك الشياطين التى توسوس له مستندا الى ما يتصوره من انصراف الاهتمام بالتدوين واهله الى مواقع التواصل الاجتماعى التى نجحت فى صب خرسانة الاساس لعولمة شعوب الكوكب الازرق
عندما يهبط عليه الالهام الذى يحفزه الى ما هو مقدم عليه يدرك يقينا ان معدته ليست وحدها صاحبة المصلحة المباشرة عندما تستقر الاوانى والصوانى التى تحتوى الطعام على المنضدة المستطيلة ذات السطح الرخامى بل يشاركها باقى حواسه فى شعور الفنان الذى يحتفل بافتتاح معرضه الذى سيحضره الجمهور ليقف فى حالة انبهار امام اعماله الفنية ولا يعنيه هنا ان يتذوق الطعام قدر ما يعنيه مراقبة الاعين والتعبيرات التى ترتسم على وجوه من تحلقوا حول المائدة يمضغون ما ابدعه الفنان الكامن داخله
مرحلة التسوق قد يختلط فيها التأثر بالوان الخضار والفاكهة مع الوان الفساتين التى تكسى اجساد النساء اللاتى يشاركنه التزاحم على سلال الطماطم والبصل ويسابقنه دافعات لعربات التسوق فى السوبر ماركت الى ثلاجة الجبن والزبد والبسطرمة ثم وهن يحاولن قبله بلوغ الكاشيير الاقل ازدحاما
المرحلة الاكثر صعوبة والتى قد تذهب بحالة التوهج الابداعى تماما وتنهى مشروعه الفنى بالضربة القاضية هى كيف يستطيع احتلال المطبخ لسويعات قليلة يفرغ خلالها تلك الشحنة الملتهبة التى تداعب اعصابه ، فقد يستغل انشغال زوجته فى مكالمة تليفونية طويلة او اثناء مشاهدة برنامج حوارى على التلفاز او زيارة للجيران فى الشقة المجاورة فيسرع الى السكين والاورمة الخشبية يحتضنها لتتحرك اصابعه بحنكة وخبرة- اكتسبها عندما سافر بعيدا عن ارض الوطن - لتقطيع البصل والثوم والخضروات فى هدوء وسكون المتعبد فى محراب الصلاة وقد افسحت اذنيه المجال لباقى حواسه المرهفه ليحس ويشم ويتذوق الطعام فى مرحلة الاعداد
وهو يدرك رد فعل زوجته على فعلته هذه من الخبرات المكتسبة ساخرة تارة من فوضى المطبخ بعد انتهاء العمل الفنى وتارة من الكميات الكبيرة من الطعام التى تهدر المال الى اخره من تهم ومزاعم من يدافع عن مملكته وقدس اقداسه ضد الدخلاء وقد تعود ان لا يرد عليها الا بعد ان يرى بعين رأسه تلمظ الاولاد بالطعم الرائع لعمله الفنى واقدامهم على غرف اطباق اضافية من الحلل والصوانى فيعقد يديه على صدره وينظر اليها مبتسما و قد انهمكت فى التسابق مع الاولاد على المائدة موقعا على انتاجه قائلا " بالهنا والشفا "
هناك 14 تعليقًا:
أزيك يا أستاذ راجى
(:
قصة مُريحة للنفس
بس حقيقية (:
اهلا وسهلا يا صديقى رامى
اشكرك على التعليق وارجو لك الخير
بنات كتير كتبت عن الطبخ وعلاقتهم بالمطبخ
دى يمكن اول مرة يصدفنى نص عن احساس راجل بالمطبخ
بس بجد اكثر من رائع
وكنت اتمنى يكون اطول ويطول الاستمتاع :)
اعجبتني التدوينة جدا :)و المشاهد التي رسمتها
انا كنت متفرجة في التدوينة امشي وراء هذا الرجل و أنا مبتسمة و هو في السوق و في بيته :)
تدوينة دافئة :)
-----------------------------------
دعوة لاحياء البلوج من ثاني لأنه فعلا كان يفجر و يظهر الكثير من المواهب، و الأعمال الراقية
الهم الأكبر
ازاح ملكـــة
عن ديوانها ولو
لدقائق قـــليلة
أما الجائــزة الكبرى
فسعادة يراها بعينيه
ويسمعها بأذنيه من
المحيطين حوله
بعد تذوقهم
لطبيخه!
تدوينة جميلة
أوى و(لذيذة)
ياباشمهندس
لقد الفنا الفن و الابداع في انتاج ملا لا يستسيغه الجمهور بسهولة
لذلك اما ان الاولاد لم يغرفوا اطباقاً اضافية وحينها يكون قد ابدع حقاً" يخن عجب "
او ان الاولاد غرفوا اطباقاً اضافية
وهنا لا وجه للابداع في صنيع هذا الرجل
الا في تركه للمطبخ في شكل فوضوي بديع
يشبه لوحات المبدع "المرحوم" فاروق حسني
وزير الثقافة الاسبق
لكنها في كل الاحوال تجربة ثرية
وانا على يقين ان المطبخ ليس مملكة النساء لان كل مشاهير الطبخ على كوكب الارض من الرجال وكل مبتكري الاكلات الجديدة ايضاً رجال وتبقى النساء دائماً مقلدات فاشلات
يجاملهن ابنائهن كالعادة بأنه لا طعام افضل من طعام امهاتنا وذلك امر محمود.
تحياتي لك
الست فرويد
الاجمل من ذلك ان اعزمك على العشاء
:))))
كارول
اشكرك على الاطراء وادعوكى ايضا للمزيد من الكتابة فى مدونتك
دكتورة نورا
اشكرك يا دكتورة وايضا ادعوكى وكل الاصدقاء على ما تحبين من طعام
شخص ما
شكلى كده حا افتح مطعم قريب
والله فكرة جميلة ايه رايك ممكن تحضر من اسكندرية تاكل عندى؟
ازى حضرتك يابش مهندس
الموضوع هادى فعلا مريح
لكن ناقص تفاصيل بسيطه
وغير كده احنا مالناش نصيب من الاكل ده؟
تسلم ايديك ياباشمهندس
الحقيقة أنت نكشت جوايا حاجه بحبها وهي تواجدي في المطبخ لأمارس فيه هوايتي المحببة عندما تزوجت كان المطبخ قد أخذ مني اهتمام كبيرا وكافيا في تصميمه لأنني كنت أعلم جيداً أنني سأمارس فيه هوايه محببة لدي
تحياتي
مالوش دعوة يكتب وخلاص وحتى لو محدش قرى كلامه دلوقتي او فهمه غلط حيجي يوم ويتقري ويتفهم صح...المهم يكتب وعلى قد ما يقدر دلوقتي الكتابة استمتاع حتى ولو عن الاكل...متهيالي الطباخ او الكاتب بيفرح بالطبخة لو طلعت حلوة ومش مهم حتتاكل دلوقتي ولا لا المهم الصوابع تتلف في حرير قبل ما الواحد يلحسها ورى للاكلة...تحياتي لكلامك الدسم...
إرسال تعليق