ماذا يفعل رجل كهل مثلى امام الاحداث الجارية المتلاحقة والمتسارعة والتدهور غير المسبوق على ارض الواقع فلا بنزين ولا كروت شحن للتليفون ولا ماكينات البنوك تعمل لتوفير السيولة النقدية و حظر للتجول من الثالثة بعد الظهر والخبز قليل والخضروات والفاكهة ارتفعت اسعارها الى اخره من تعقيد فى الحياة
فبعد يومين من الجلوس امام التلفزيون مثل من نوم مغناطيسيا وامام ارتباك اسرتى قررت المبادرة باخذ زمام الامور فى يدى فعندى وقت طويل وطاقة احمد الله عليها فتوكلت على الله وقمت بالسير الى السوق ومحال البقالة واخذت اشترى اغراضا بحذر شديد تكفى لعدة ايام بالاضافة الى ما كنا قد اشتريناه استعدادا لقدوم ولدى الكبير المحجوز حاليا فى برلين بالمانيا لا يستطيع العودة الى الوطن بعد الغاء رحلات مصر للطيران
عدت الى المنزل بتاكسى واصدرت فرامانا ينفذ ذاتيا بانى ديكتاتور المنزل الامر الناهى فلا مناقشة فى قراراتى فى تصريف امور المنزل فى كافة الشئون من اعداد الطعام الى غسيل الصحون وخلافه من النشاط اليومى تاركا زوجتى وابنائى الصغار لمتابعة الاخبار وتطورات الازمة فى مصر
هى خبرة رائعة لا شك فى ذلك وانا استمتع بها ايما استمتاع وكنت الاحظ نفاذ زجاجة البريل صابون الصحون السائل بسرعة كبيرة فقررت ان اعد سائل مخفف من البريل فى وعاء بلاستيكى اغمس به الليفة البلاستيك والاخرى الستنلس ستيل لغسيل الصحون والحلل كما رشدت استهلاك البيض الذى يدخل فى كل الطعام تقريبا فاولادى لا يحبون الفول الا بالبيض والبطاطس بالبيض وبيض بالطماطم وبيض بالبصل والبيض على سطح صوانى الجلاش وكان البيض شحيحا فاعددت نفس الاطعمة التى يحبونها ولكن بعدد اقل من البيض بينما اكتفيت انا وزوجتى بالفول بالزيت او الجبن الابيض بالطماطم والخبز طبعا يسحب من الفريزر بحساب ويقسم الرغيف الى نصفين او اربعة اقسام حسب الطلب ثم يعاد الباقى الى الفريزر كما يقتصر السكر فى الشاى والقهوة الى ملعقتان للشباب والكبار ملعقة واحدة
وتم تخصيص وقتا للغسيل والمكوى وينتهى اليوم حوالى منتصف الليل فاجلس ساعة او اكثر قليلا ابحث عن الاخبار الجديدة بعد العزوف عن مشاهدة التحاليل التى تهدر بها قنوات الفضائيات بدون توقف فأبحث عن اخبار مختصرة جديدة وهى قليلة جدا بالمقارنة بكم التحليل والاراء الكبير جدا والذى مثل غثاء السيل لا يغنى ولا يسمن من جوع
وقد ساعدنى العمل اليدوى على استعادة صفاء الذهن و القدرة على التفكير والالتحام باولادى الموجودين معنا اكثر من ذى قبل ولكن المؤلم هو التناقض الذى يعتمل فى مشاعرى فبينما اشعر بالفخر تجاه شباب مصر لا استطيع ان امنع نفسى من توجيه اللوم اليهم لعدم قدرتهم على تطوير الثورة وحسن ادراتها فالجلوس فقط فى ميدان التحرير يوما بعد يوم سوف ينهكهم وسوف يجعل الناس تنقلب ضدهم اذا لم تعد الحياة الطبيعية مرة اخرى فيجب ان يعرفوا ان الثورة وضع استثنائى لا يمكن ان يدوم الا قليلا وانهم فى رأيى يجب عليهم وفورا لتطوير الثورة ان يشكلوا قيادة لهم للتفاوض وان يشهدوا الاعلام العالمى ويطلبوا محامين دوليين معروف عنهم الحياد والنزاهة ليحضروا التفاوض مع القيادات لشبابية ليضمنوا لهم توضيح المناورات التى يتقنها المفاوضين الكبار والتى تفرغ الثورة من مضمونها وتذهب بهم الى تفاصيل صغيرة تافهة ومحاولات اغراء القيادات بمخاطبة الغرائز الانسانية لاستقطابهم فاذا تحقق لهم ذلك يجب ان يعودوا الى بيوتهم ويتأكدوا انهم فعلا قد احدثوا التغيير الذى كنا نحلم به و انهم يستطيعون الدفع عن طريق التواصل مع القيادات الشبابية بالمزيد من الاصلاح والتغيير
ادعو الله ان يسلم الشباب من الاذى والفتنة وان تسلم البلد من الفوضى