حضر نفسك لسهرة طويلة ، هكذا جاء صوتها عبر الهاتف فقلت لها مولاتى سمعا وطاعة
اشتريت قنينة ماء و بعض البسكويت فسوف ننطلق فور نزولها من المترو الى الواحة (سميت مصر الجديدة عند نشأتها بواحات عين شمس ) للرفع الميدانى والتصوير
الاختيار وقع على مربع كبير من ميدان المحكمة الى البزاليكا حيث يرقد امبان البارون البجيكى عاشق مصر الذى خطط لبناء مدينة جديدة فى مطلع القرن العشرين تحديدا 1906 و بنى لنفسه قصرا على الطراز الهندى لامثيل له فى العالم
العمارات الباقية منذ نشأة الضاحية على الطراز الاسلامى بصبغة اوروبية تضفى على النفس البهجة خصوصا انها قليلة الارتفاع و تطل على شوارع فسيحة مما يساعد على تحديد خط السماء وهو الخط المتعرج الذى يفصل بين نهايات المبانى والسماء
وصلنا الى ميدان المحكمة وشرعت هى فى التخطيط على الخرائط وتحديد اماكن العمارات والمساجد والكنائس ثم تلتقط صورا لكل هذا من زوايا مختلفة
وحيث انى من جيل الستينات فقد اصابتنى حالة من التوجس والقلق خوفا من عسكرى او مخبر يقبض علينا بتهمة تصوير اماكن هامة وقد نقلت لها هذا الخوف ولكنها هزت كتفيها باستهانة تناسب تماما جيل الفيس بوك والتويتر
انتقلنا الى شارع هارون الذى يخترق الضاحية بسوق كبير متنوع واستمر الحال من توقيع مبان وتصويرها بدون هوادة ولا راحة وساعدنا على ذلك اننا كنا نعمل ( هى التى كانت تعمل وانا مجرد شوفير ) قرابة منتصف الليل حتى اصابها الارهاق عند ميدان صلاح الدين ثم عودة الى ميدان المحكمة مرة اخرى
قلت يكفى ذلك فهزت رأسها متثآئبة ثم انزلقت الى الامام فى مقعد السيارة وهنا ايقنت انها تنوى النوم بدون طعام طول اليوم الا افطار هزيل تناولته على عجل فى الصباح
اسرعت الى حيث تباع ساندوتشات كبيرة محشوة باللحوم والمخلللات و عندما القيت بالسندوتش على حجرها و شرعنا فى العودة الى المنزل تهللت اساريرها واخرجت الكاميرا تصور الساندوتش
هذه مناسبة تستحق التسجيل - هكذا قالت وهى تحتضن الساندوتش بدون ان تفتح الغلاف السيلوفان ثم القت راسها على المسند وراحت تغط فى نوم عميق