السبت، يونيو 19، 2010

كرة القدم


كرة القدم لعبة الرجال لامجال فيها للنساء الا قليلا وهى  داروينية بامتياز يدوس فيها القوى على الضعيف بل يسحقه سحقا تاركا اياه منبطح على الارض ليشق طريقه الى المرمى ليسجل نقاطا جديدة للشهرة و دولارات اضافية لرصيده فى البنك فى نفس الوقت الذى يرفع فيه يده بحركة جنسية بذيئة يعاقب عليها القانون فى ظروف اخرى معبرا عن فرحته بالهدف ثم يسجد على الارض او يرسم علامة الصليب على صدره .
 كل فريق من اللاعبين المحترفين يخوض المباريات طبقا لخطة تشبة الخطط العسكرية فى الهجوم والدفاع حيث يتمركز اصحاب العضلات فى الخلف واصحاب الذكاء فى المنتصف اما الهجوم ففيه اصحاب المهارة والسرعة لتسجيل الاهداف
ويؤازر معظم الفرق جماهير متعطشة للدماء وللمتعة المتوحشة بلا حدود مدججين بالشماريخ والزمامير والطبول وقد صبغوا وجوههم بالالوان مثل مقاتلى القبائل فى الغابات ومن الملاحظ ان الكثير من الجماهير فى المدرجات لا يكفون عن الصراخ والرقص مما يجعل من المستحيل عليهم متابعة اللعبة والاستمتاع بها فهم فقط فى انتظار الاهداف التى تسجل فيصابون بالذهول من شدة الفرحة او تتوقف قلوبهم من فرط الاحباط و فى كلتا الحالتين فانهم يميلون لمهاجمة جماهير الخصم بالسباب و السخرية وفى كثير من الاحيان بالحجارة والزجاجات الفارغة والكراسي ، هم يحتاجون هذا الصخب و العنف بالتأكيد لارضاء شيء ما فى نفوسهم
اللعبة ابعد ما تكون عن العدالة بل ان الظلم الذى يرتكبه الحكم اذا احتسب ضربة جزاء او طرد لاعبا لم يرتكب ما يستحق الطرد يعتبره المسؤلون جزء من متعة المباراة ولا رجوع عن قرارات الحكام ولو ثبت خطأهم وظلمهم وبينما يسعى المسؤلين عن لعبة التنس لتحقيق اكبر قدر من العدل باستخدام عدد كبير من الحكام الذين لا يجدون غضاضة فى الرجوع عن قراراتهم اذا ثبت خطأ تقديرهم و يتم تجهيز ملعب التنس بما يسجل بدقة كل التفاصيل و يرفض نظرائهم الكرويون ذلك بكل صلافة
التلفزيون اصبح اللاعب الاساسى فى هذه الرياضة بكل الاموال التى يخصصها  لبث المباريات على الهواء من اى بقعة على الكوكب الى كل الانحاء ثم يعود ليحصل عليها مع الارباح لعرض اعلانات المنتجات التجارية ، ويحاول المخرجين اضفاء ابعادا انسانية للعبة الدموية بتسليط الكاميرات على انفعالات اللاعبين والجماهير وان كانوا اخيرا تطرفوا فى ابراز الآم اللاعب المصاب بل ونصب اكبر عدد من الميكروفونات الحساسة لكى تصل صرخاته الى كل المشاهدين ثم متابعة  ما ينزفه من دماء  قبل علاجه ونقله الى خارج المستطيل الاخضر على نقالة الاسعاف الا يذكرنا ذلك بحلبات المصارعة و الشهداء المسيحيين ايام الامبراطورية الرومانية ؟
واخبار كرة القدم تزاحم اخبار الحروب والكوارث وانهيار البورصات فى عناوين الصحف ولا توجد جريدة تحقق مبيعات فى السوق الا وتخصص صفحات وملاحق لكرة القدم ونجوم اللعبة
و لكن بالرغم من كل المثالب لهذه اللعبة فان لها جانبا مضيئا وحيدا عندما تخرج الى الشوارع الخالية من السيارات والمارة وتتمتع بالمساحات الشاسعة بينك وبين الاخرين المنهمكين فى مشاهدة المباريات حيث يكون الدليل الوحيد على وجودهم صرخاتهم عند كل هدف يسجل او يضيع





هناك 8 تعليقات:

Ramy يقول...

استاذى

تشبهات ممتازة (:

و لكن هذة هى كرة القدم هى بحق أفيون الشعوب (:(:

دمت بخير

حسن ارابيسك يقول...

اذيك ياباشمهندس
الحقيقة أنل لي وهة نظر أخرى حول لعبة كرة القدم فلعبة الكرة أصبحت صناعة لها قاعدة ولها أدواتها ولها خاماتها ولها خطوط إنتاج ولها مستشايها وخبرائها ولها موزعين ولها معلنين ولها مستهلكين ولها أراباحها ولها أرصدتها وله أيضا ساستها، المهم أصبحت صناعة رهيبة وثمينة فأصبح لأصحابها وسائلهم الخفية والمعلنة من أجل نجاحها

برقع الحياة لبثينة محمود
الحقيقة لم أقرأ الكتاب ولكن بالطبع أثق في قراءة حضرتك لفكر الكاتبة وتحليلك حول الفكرة التي تدور حولها
تحياتي
حسن أرابيسك

العلم نور يقول...

في الحقيقة أنا معك أخي في الله راجي نعم صدقت يعم الهدوء في أماكن كثيرة وننعم بحرية التنقل لإنشغال وانحباس وتسمر عدد كبير من البشر أمام شاشات التلفزة.

للهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ..

بارك الله فيك

(ست* جنى* الحسن) يقول...

سلامو عليكو..
بصراحة انا مليش فى الكورة
لكن بشجع اللعبة الحلوة
ومنتخب مصر.
لك تحياتى

sheeshany يقول...

إسقاطات و تشبيهات أكثر من رائعة
:)

-_- يقول...

مقالة لذيذة فعلا

احييك بشدة

مؤنس فرحان يقول...

السلام عليكم

بوست جميل .. ومتهيألى ان الرياضة لازم يكون فيها جانب من العنف والمجهود الزائد والتحدى وروح الاصرار اللى ممكن توصل لحد الشراسة

لأن الرياضة المفروض انها بديل للحروب وتنفيس للشعوب عن مشاعر هى فى حاجة ليها مشاعر الانتصار التحدى احيانا الكراهية والانتقام

دى أول مرة أدخل المدونة .. وقرأت منها عدد قليل من المواضيع لكن كل اللى قرأته رائع

maxbeta3zaman يقول...

هى عودة لروح القبليه والحروب الطاحنه والانتماء الى جماعه أى جماعه تحس معها انك انتصرت.. فزت.. ولو بالوكاله فى أى شىء ...النصر هو الغايه والنشوة بدخول الكره فى التمانيات يماثل تسديد الرمح فى نحر الخصم فى معارك زمان الشاعر الساذج يقول
يتنازعون الفوز فيما بينهم
وقلوبهم خلو من الأضغـــــان
ياخلو انت
امال ايه الفاولات وتقطيع الفانلات وبطح الدمغه" بتشديد الدال المكسوره " والغرز اللى فى العيون والطرد... ياعم ما خالى من السوس الا القصب