الخميس، يوليو 09، 2009

مسرحية من فصل واحد


اول الليل ، غرفة المعيشة فى بيت عصرى بها منضدة مستطيلة واربعة كراسى تعلوها ثريا من النحاس والزجاج ، فى الخلفية نافذة عليها ستارة ذات شرائح افقية ، على اليمين باب يؤدى الى المطبخ والى اليسار باب غرفة النوم

هو جالس الى المنضدة وقد فرد اوراقا وكتبا واقلاما ملونة واخد يخط سطورا على الورق الاصفر المسطر الذى يستخدمة لمسودات المواد التى يعدها لبرنامج المناقشة الاسبوعى فى القناة الفضائية السياسية ، سرقه الوقت ولم يعد امامه الا سويعات قليلة قبل تسليم المادة المطلوبة

هرش رأسه وبدا عليه التوتر والنرفزة ،احضرت هى صينية عليها بعض الشطائر و الشاى والماء المثلج


نظر لها من خلف نظارته وقال لها وقد لمعت فى عقله فكرة ما

هو : تعالى اشتغلى معايا شوية

رسمت على وجهها ابتسامة محايدة وفكرت قليلا

هى: طيب لحظة واحدة

غابت دقائق وعادت وقد ارتدت ثوبا شفافا قصيرا بلون ليمونى وقد تحررت من حمالة صدرها فبدا ثدييها الصغيران وجسدها الاسمر النحيل المتناسق ، جلست على حجره واحاطت عنقه بذراعيها فى دلال

اطلق ضحكة

هو: لا موش قصدى ، انا كنت محتاج اناقش معاكى شوية افكار قبل ما اكتب الشكل النهائى لمادة البرنامج

انتقلت الى الكرسى المقابل له وهزت راسها الجميل من اعلى الى اسفل باشارة الموافقة

هى: الموضوع بخصوص ايه ؟

هو : اليسار المصرى المعاصر ، يعنى مثلا تاريخ اليسار وفلسفته وكده

هى : انا ما اعرفش غير ان اليسار هم الجماعة اللى بيقعدوا على الشمال

هو : كلامك صح ميه فى الميه ولكن دى البداية لما عامة الشعب قعدوا على شمال الملك الفرنسى بينما قعد النبلاء ورجال الدين على يمينه ومن يومها اتصنفت الحياة السياسية الى يمين له افكار تقليدية جامدة ويسار بيتطلع للتطور والتجديد

هى : يعنى اليسار ضد الدين ؟

هو : لا موش ضرورى ولكن المشكلة فى رجال الدين او الناس اللى بيمثلوا الدين هم اللى بيفهموا الدين بطريقتهم وطريقتهم دى بتعطل التقدم

هى : يعنى الدين موش ضد التقدم ؟

هو : على حسب ما تفهميه انتى ، فالدين له قيم جميلة بتدعوا للخير لكن المشكلة فى التعصب وتفسير النصوص المقدسة على حسب المصالح

هى : ايوه زى اعداء المرأة اللى بيفسروا الدين بحيث دايما الستات يبقوا مهمشين

هو : قضية التهميش دى مهمة جدا وموش بس ضد النساء ولكن ضد فئات كاملة من الناس فى المجتمع لدرجة انه لا احد يعرف تفاصيل دقيقة عن الخريطة الاجتماعية فى مصر

هى : يعنى اليساريين بيدافعوا عن الحرية؟

هو : والمساواة كمان ، اليمنيين بينادوا بالحرية عشان تكون هدف فى حد ذاته ودى حاجة نبيلة لكن دايما اليمينيين بيغمضوا عيونهم عن الاساليب اللى بتوصل للغايات النبيلة بعكس اليساريين

هى : الحياة تبقى بايخة جدا بدون حرية ، انا من انصار الحرية ، ممكن بقى اروح اشوف شغلى ؟ ( تغنى بصوت عال ) اعطنى حريتى اطلق يديا

هو : ( ضاحكا )الله الله ، العبيد يتمردون على السادة

هى : مولاى الملك انا اشتغل واتعب بدون اجر مافيش حد عندك فى التاريخ دافع عن العمال

هو : كارل ماركس احسن واحد رصد العلاقة بين صاحب العمل والعامل وازاى تطور المجتمع على حساب العمال الغلابة بالقيمة المضافة

هى : يعنى ايه

هو : يعنى صاحب العمل ما بيدفعش للعامل ثمن العمل ولكن بيدفع له اجر صغير وبياخد الفرق وهى دى القيمة المضافة

هى : انا عاوزة القيمة المضافة بتاعتى دلوقتى حالا

هو : انا بادفعها لك كل ليلة حب وحنان

هى : يا شقى

هى تذهب الى الباب الايمن بينما هو ينكب على اوراقه وينهمك فى الكتابة ، بعد قليل تدخل هى وفى يدها هاتف نقال

هى : مكالمة

تعطيه الهاتف وتعود الى الباب الايمن

هو : اهلا يا باشا ، قربت اخلص الموضوع

هو : الليبرالية ؟ بلاش من فضلك نتشعب فى الحوار ، طيب طيب ممكن نشير بدون تفاصيل الى ايمان الليبراليين بالحق فى الحياة وحق الاختيار

هو: حرية التعبير موضوع صعب علشان الفنان او الاديب المبدع بيرفض اى قيود ولكن الاشكالية فى مجتمعنا ان المؤسسة الدينية واقفة بالمرصاد

هو : فى الحقيقة انا مؤمن ان الحرية المطلقة هراء

هو : ماشى ياباشا ح احاول

هى : مين الباشا ده ؟

هو : منتج البرنامج يسارى قديم ولكنه بيغير جلده زى الحرباء

هى : كلهم زى بعض ، هو تونى بلير وحزب العمال فى انجلترا موش يساريين برضو؟ موش خانوا مبادئهم ودخلوا الحرب على العراق مع امريكا؟

هو : فعلا دى نقطة مهمة جدا كانت تايهة عن بالى

هو يكتب بعض السطور

هى : انت عارف انا معجبة بمين اكتر ؟

هو : مين ؟

هى : فرويد ، راجل واضح ومعقول ومفهوم ، فسر الكون كله حسب الغريزة الجنسية ، هى اللى بتمشى العالم ده ( ترفع صوتها ) يحيا فرويد

هو : يعيش فرويد يعيش يعيش يعيش

ينهض من امام المنضدة ، يقبلها ويحملها بين ذراعيه ويمشى بها الى باب غرفة النوم ، تطفأ الانوار وتسدل الستار

هناك 16 تعليقًا:

Unknown يقول...

يعني جميله جدا جدا؛ جدا حبيتهـا:)

سمراء يقول...

الحرية في رايي كما قال بولو كويلو هي ان تختار وتلتزم باختيارك

اما عن القيم فتتحطم على صخرة المبادئ الشخصية

اما الغريزة الجنسية فهي اصل الحكاية

تحياتي
سمراء

الست فرويد يقول...

ده اخرت اللى يناقش حاجات صعبة مع الستات :))))


ممتعة قصتك جدا


تحباتى

سلوى يقول...

كميه معلومات قيمه
دسمه لكن بصورة مبسطه
داخل اطار كله ود

جميله فعلا

على باب الله يقول...

جميلة جداً ، و برضه يحيا فرويد

Unknown يقول...

اكيد وراء كل كلمة
كتبتها الف معنى ومغزى
افهمها كما هى بسيطة اما
المعنى والمغزى فأتركهم لك
لتفهمنا ما قصدكــــــ؟

Unknown يقول...

أحتراماتى استاذنا
لكن اين انت منذ9 يوليو؟
ما تعودنا هذا الغياب الطويل

عين فى الجنة يقول...

مياسى
اشكرك والله على انك حبيتيها ، هذا شرف كبير

عين فى الجنة يقول...

سمراء
القيم تتحطم على صخرة المباديء الشخصية
مقولة تحتاج الى تأمل

عين فى الجنة يقول...

الست فرويد
شكرا على اعجابك بالمسرحية
واخرة اللى يناقش حاجات صعبة مع الستات بتكون ممتعة مثل نهاية المسرحية:))))

عين فى الجنة يقول...

سلوى
سعيد جدا باعجابك بالمسرحية

عين فى الجنة يقول...

على باب الله
يعيش يعيش يعيش

عين فى الجنة يقول...

نورا
المسرحية لها مستويان ، احدهما سطحى والاخر تحت السطح وفيه نقد لليسار فى السنوات الاخيرة بعدما فقد البوصلة
تحياتى لكى يا دكتورة ولقد عدت لتوى من مارينا بعد اسبوع من الطقس الرائع الى حر القاهرة الخانق

عين فى الجنة يقول...

سمراء
عبارتك عن تحطم القيم على صخرة المباديء الشخصية اخذت تدور فى عقلى محاولا ان اعيد صياغتها
و اعتقد ان اعادة الصياغة كما يلى يبعث الراحة الى نفسى
" القيم تتحطم على صخرة النزوات والشهوات الانسانية "
وكم اود لو القيتى بعض الضوء على عبارتك تلك لازداد فهما لمقصدك منها

صفــــاء يقول...

تفسير مبسط لمفاهيم اختلف عليها طيله قرون
وتداخل متناغم بين التعقيدات السياسيه والتبسيط فى التعبيرات
بس ليمونى ؟
فاقع اوى

عين فى الجنة يقول...

صفاء
خدى بالك ان الليمونى هو لون الكنارى
:))))