يحدثنا الدكتور جلال امين فى كتابه الجميل " ماذا حدث للمصريين " فى باب الاقتصاديون المصريون كيف نشأ الرعيل الاول من المفكرين واساتذة الاقتصاد فى مصر فى مطلع القرن العشرين عندما ذهب شباب الخريجين فى مدارس المعلمين والتجارة والحقوق الى بعثات فى اوروبا خصوصا الى فرنسا وانجلترا على نفقة الحكومة واحيانا على نفقتهم الخاصة لدراسة علم الاقتصاد ، فدرسوا على يد اساتذة اكفاء النظرية الاقتصادية فى كتبها الاصلية وليس فى ملخصات وشروح وعندما عادوا الى ارض الوطن كانت اول اضافة لهم فى ترسيخ علوم الاقتصاد فى مصر هى ترجمة المصطلحات الاقتصادية من اللغات الاجنبية الى اللغة العربية التى امتلكوا ناصيتها وبرعوا فيها فجاءت تلك المصطلحات المترجمة دقيقة ومفهومة وسهلة فى نفس الوقت فكانت بمثابة الاساس الذى بنى عليه علم الاقتصاد الحديث فى مصر و ما ان انقضى ثلاثة ارباع القرن العشرين الا وكان العالم كله ينتظر ابداع الاقتصاديون المصريون واضافاتهم لتترجم الى لغات العالم المختلفة
وهكذا برع المصريون فى علوم الاقتصاد لاسباب اهمها الانطلاق من رغبة طموحة لشباب تشبعوا بالثقافة النابعة من هويتهم الوطنية مكنتهم من الاحتكاك الايجابى بالعالم الخارجى ، فهم لم يتخلوا عن اعتزازهم بهويتهم عندما عاشوا فى بلدان اوروبا المتقدمة و كانت رؤيتهم واضحة لهدفهم النهائى وهو رفع شأن الوطن بتعلم العلم ونقله لابناء جلدتهم
وقد نستغرب طول الفترة الزمنية التى استغرقها هؤلاء لترسيخ علم الاقتصاد فى مصر والريادة فيه خلال خمسة وسبعون عاما ولكن يزول الاستغراب عندما نعلم ان علم الاقتصاد كان ايضا لايزال وليدا فى العالم الغربى كذلك يجب الاخذ فى الاعتبار ماكان سائدا فى هذا الزمن من وسائل انتقال واتصالات اقل سرعة من المتاح الان بمراحل كثيرة
و اعتقد ان استقراء التاريخ فى هذا المجال يفيد كثيرا فى استبيان طريقنا لبناء مصر الحديثة فى المرحلة القادمة فنبث الشعور بالاعتزاز بديننا وهويتنا ولغتنا فى ابناء وطننا ثم ننفتح على العالم لنستفيد من تجارب الاخرين فلا نخاف غزوا ثقافيا ولا اقتصاديا و على نفس النمط يمكن ان يكون لدينا فى وقت قياسى يناسب سرعة العصر قيادات سياسية وقانونية ناضجة تضع الاساس لنظرية سياسية مصرية متفردة
هناك 5 تعليقات:
نحتاج استقراء
التاريخ فى كل
النواحى الناجحة
وحتى الفاشلة حتى
لا تتكرر بدون وعى منا
تدوينة جميلة استاذنا.
هو استقراء مبنيّ على أساس متين -بعون الله- و هذا ما يعطي دفعة قوية لمستقبل .. أفضل!
:)
سعيدة بوصولي هنا لمدونتك وان شاء الله من المتابعين ..
دمت بخير وتقبل خالص تحيتي وتقديري.
لابُد لنا أن نطلب العلم ولو في الصين، ورُبما كانت هُناك دولٌ ما في نفس مُستوانا لكنها قفزت وتطورت عتّا مثل كوريا وماليزيا وغيرهم، لابُد لنا أن نعترف بتأُخرنا مؤخراً وبشدة، لذلك فعلينا أن نلحق بالآخرين ونُعيد ونُكرر ما فعله العُلماؤ الأوائل في مطلع القرن الماضي مُجدداً ولا عيب في ذلك
أذيك ياباشمهندس راجي
أعرف دائماً أن لتدويناتك معنى وقيمة كبيرة في كلما تكتب
ولقد تضمنت تدوينتك بالفعل جملة ذهبية وهي لكي نبني مصر الحديثة لابد أولا من إستقراء تاريخها وهذا منهج علمي لا شك فيه
تحياتي
حسن أرابيسك
إرسال تعليق