كرة القدم لعبة الرجال لامجال فيها للنساء الا قليلا وهى داروينية بامتياز يدوس فيها القوى على الضعيف بل يسحقه سحقا تاركا اياه منبطح على الارض ليشق طريقه الى المرمى ليسجل نقاطا جديدة للشهرة و دولارات اضافية لرصيده فى البنك فى نفس الوقت الذى يرفع فيه يده بحركة جنسية بذيئة يعاقب عليها القانون فى ظروف اخرى معبرا عن فرحته بالهدف ثم يسجد على الارض او يرسم علامة الصليب على صدره .
كل فريق من اللاعبين المحترفين يخوض المباريات طبقا لخطة تشبة الخطط العسكرية فى الهجوم والدفاع حيث يتمركز اصحاب العضلات فى الخلف واصحاب الذكاء فى المنتصف اما الهجوم ففيه اصحاب المهارة والسرعة لتسجيل الاهداف
ويؤازر معظم الفرق جماهير متعطشة للدماء وللمتعة المتوحشة بلا حدود مدججين بالشماريخ والزمامير والطبول وقد صبغوا وجوههم بالالوان مثل مقاتلى القبائل فى الغابات ومن الملاحظ ان الكثير من الجماهير فى المدرجات لا يكفون عن الصراخ والرقص مما يجعل من المستحيل عليهم متابعة اللعبة والاستمتاع بها فهم فقط فى انتظار الاهداف التى تسجل فيصابون بالذهول من شدة الفرحة او تتوقف قلوبهم من فرط الاحباط و فى كلتا الحالتين فانهم يميلون لمهاجمة جماهير الخصم بالسباب و السخرية وفى كثير من الاحيان بالحجارة والزجاجات الفارغة والكراسي ، هم يحتاجون هذا الصخب و العنف بالتأكيد لارضاء شيء ما فى نفوسهم
اللعبة ابعد ما تكون عن العدالة بل ان الظلم الذى يرتكبه الحكم اذا احتسب ضربة جزاء او طرد لاعبا لم يرتكب ما يستحق الطرد يعتبره المسؤلون جزء من متعة المباراة ولا رجوع عن قرارات الحكام ولو ثبت خطأهم وظلمهم وبينما يسعى المسؤلين عن لعبة التنس لتحقيق اكبر قدر من العدل باستخدام عدد كبير من الحكام الذين لا يجدون غضاضة فى الرجوع عن قراراتهم اذا ثبت خطأ تقديرهم و يتم تجهيز ملعب التنس بما يسجل بدقة كل التفاصيل و يرفض نظرائهم الكرويون ذلك بكل صلافة
التلفزيون اصبح اللاعب الاساسى فى هذه الرياضة بكل الاموال التى يخصصها لبث المباريات على الهواء من اى بقعة على الكوكب الى كل الانحاء ثم يعود ليحصل عليها مع الارباح لعرض اعلانات المنتجات التجارية ، ويحاول المخرجين اضفاء ابعادا انسانية للعبة الدموية بتسليط الكاميرات على انفعالات اللاعبين والجماهير وان كانوا اخيرا تطرفوا فى ابراز الآم اللاعب المصاب بل ونصب اكبر عدد من الميكروفونات الحساسة لكى تصل صرخاته الى كل المشاهدين ثم متابعة ما ينزفه من دماء قبل علاجه ونقله الى خارج المستطيل الاخضر على نقالة الاسعاف الا يذكرنا ذلك بحلبات المصارعة و الشهداء المسيحيين ايام الامبراطورية الرومانية ؟
واخبار كرة القدم تزاحم اخبار الحروب والكوارث وانهيار البورصات فى عناوين الصحف ولا توجد جريدة تحقق مبيعات فى السوق الا وتخصص صفحات وملاحق لكرة القدم ونجوم اللعبة
و لكن بالرغم من كل المثالب لهذه اللعبة فان لها جانبا مضيئا وحيدا عندما تخرج الى الشوارع الخالية من السيارات والمارة وتتمتع بالمساحات الشاسعة بينك وبين الاخرين المنهمكين فى مشاهدة المباريات حيث يكون الدليل الوحيد على وجودهم صرخاتهم عند كل هدف يسجل او يضيع