مشوار ضرورى لشركة السياحة فى شارع الحجاز ، خلاص كرهت السواقة موش قادر اتعامل مع الناس ولا الزحمة ، و مندهش من تصرفات الناس و عارف ان شعورى ده دليل على ان عقلى لسه بخير وانى لسة عاوز افهم واستوعب وموش محتاج انى اغيب عن الواقع واحس بسعادة مزيفة بنفسين حشيش ولا قرص هلوسة
كتير حواليا موش قادرين على المواجهة و خلاص اتخنقوا موش قادرين يحبسوا الاحساس البغيض بالحصار وقلة الحيلة
حاولت ضبط اعصابى عند اشارة المرور وتجاهلت بياعين المناديل وتحملت ضغط الحزام اللى انا عارف وضابط المرور عارف انى ح اتخلص منه بعد ثانية واحدة من اشارته الى السيارات للتحرك ، فى قرارة نفسى اعرف ضرورة وجود ضباط المرور فى الشارع وصعوبة عملهم الشاق ولكنى لا املك سوى كراهية السلطة فى اى شكل كانت وهذا ليس التناقض الوحيد الذى اكتشفته فى نفسى ولكنها مئات التناقضات التى وطنت نفسى على انها من ضرورات البقاء على قيد الحياة ، بداية من القاء المحاضرات على الاخرين للمحافظة على النظافة مع انى اقوم بالقاء المناديل المستعملة وعلب العصير من نافذة السيارة مرورا بابداء الاحترام لاشخاص لا يستحقون مجرد الالتفات اليهم الى تبرير التقصير فى الاداء بدافع الكسل بان الله لا يكلف نفسا الا وسعها
حانت لحظة الدوران يسارا للعودة فى الاتجاه الاخر ومن العجيب ان حركة المرور فى القاهرة تبدو للوهلة الاولى عبارة عن فوضى مطلقة ولا يوجد ادنى نظام فى الشوارع الا ان المخضرمين امثالى يعلمون ان هناك تفاهمات عميقة متفق عليها بين السائقين وقواعد يحترمها الجميع ليس للحكومة اى دور فيها فهى بره اللعبة تماما و من يشذ عن هذه القواعد يستاهل اللى يجرى له ومحدش راح يرحمه ، وليس كافيا ابدا عندما ترغب مثلا فى الانتقال من حارة الى اخرى ان تكتفى بتشغيل ضوء الغماز الذى يشير الى الاتجاه الذى تريده ولكن يجب عليك ان تفعل ذلك بدرى جدا مع التحرك ببطء وبغلاسة فى اتجاة قطرى حتى ترغم من خلفك على السماح لك بالمرور ومن القواعد المتعارف عليها ايضا ان من يملك سيارة قديمة متهالكة له الاولوية دائما ان يفعل ما يريد وياسلام لو كانت ميكروباس يبقى من حقه ان يسير وهناك من يتشعلق فى الباب الايمن بينما الاسطى المعلم يقود بيد واحدة حيث يمسك فى يده الاخرى الفكة ويكتفى بالتركيز بربع عقله فقط بينما الباقى اى من عقله يعنى يستمتع بالضجة الصادرة من الكاسيت الذى قد يكون يشغل احد اغانى العصر الجماهيرية مثل اركب الحنطور او بحبك يا حمار
ادرت الدريكسيون ناحية اليسار وفى نفس الوقت ضربت اشارة تنبيء عن نيتى الاتجاه الى اليمين وهى حركة حضارية زيادة عن اللزوم لم يفهمها اللطخ القادم من الخلف ليس فقط بسبب انه قادم من القليوبية ( اسف على العنصرية التى قد تبدو هنا )علشان يستعرض سيارته القردة الفيات ال1100 موديل الستينات ولكن ايضا بسبب الموزة الفلاحى المربربة التى كانت تجلس بجواره و عاوز يفسحها فى بلد المعز لدين الله الفاطمى لكى يشعر ببهجة مثل التى شعر بها بوحة عندما جلس مع مى عز الدين على شط النيل
بعد لحظة من الدوران سمعت صوت الخبطة التى خبطها اللطخ المسرع الذى لم يستطيع التحكم فى القردة لكى يلبس فى المرسيدس السوداء التى تركن على اليمين والتى نتج عنها اى الخبطة انبعاج شديد فى الرفرف الامامى الايمن ناحية الفلاحة الموزة مما يدل على ان عقله الباطن ( حيث ان عقله الواعى موش هنا اصلا ) قرر التضحية بها اى بالموزة ليبقى اللطخ على قيد الحياة
نزل اللطخ يجمع الاجزاء البلاستيكية والمعدنية التى تناثرت من القردة وهو فى عجلة من امره ليستطيع الهرب بسرعة من المرسيدس السوداء والتى تحمل خطرا مضاعفا فليست فقط مرسيدس تدل على ان مالكها من الاثرياء ولكنها سوداء ايضا فهو من اصحاب المناصب وقد يكون من جهة امنية فيروح فى ستين داهية
نزلت ونظرت اليه بطريقة حيادية تماما وانا اضع يداي فى جيوبى اشارة الى انى ليس لى علاقة بالحادث ولكن بما انه لطخ فيبدو انه فهم انى ابحث فى جيبى عن نقود لكى اعطيها له تعويضا عن خسائر القردة وقد اخذ يصرخ ويولول انه لسه طالع من عند السنكرى ( يقصد السمكرى )
رفعت كتفاى فى حركة يفهمها الجميع بدليل انه قد فهمها مع انه لطخ وقلت له وانا مالى ياعم هو انا جيت جنبك ؟
وهنا تحولت الفلاحة من موزة الى ستنا الغولة وبدأت فاصل ردح بالصوت الحيانى واخذت تدعو وتتمنى ان تولع سيارتى او يركب على الترمواى ولما اشرت لها الى المرسيدس السوداء مذكرا اياها بالكارثة التى تنتظرهم جذبها اللطخ من يدها وركبا القردة مبتعدين عن المكان والدخان الكثيف الصادر من كاوتش العجلة الذى يحترق بسبب احتكاكه بالرفرف المنبعج يتصاعد الى السماء كستار الدخان الذى تطلقة فلول الجيش المنهزم
الغريب انى حتى هذه اللحظة لم استطيع التغلب على الخوف الذى يعترينى كلما ركبت سيارتى فقد تتحقق دعوات الفلاحة الموزة والعربية تولع او يركب على ترمواى مع انى بقى لى سنين طويلة ما شفتش الترمواى واعتقد ان هذا الخوف هو تناقض اخر اعيش به فكيف اكون ذلك الشخص المتحضر الذى يؤمن بالعلم وفى نفس الوقت اخاف من خزعبلات وخرافات الفلاحة الموزة؟